الشرط أو المانع، ومن الواضح أن شرطية الوضوء ومانعية النجس أو غير المأكول للصلاة - مثلا - من القوانين المجعولة.
بل لو أنكرنا جعل الأحكام الوضعية وجعلناها أمورا انتزاعية محضة لكان أدلة الأحكام التكليفية التي جعل فيها المعبر عنه بالشرط أو المانع قيدا لمتعلق التكليف كانت هذه الأدلة منطبقة عليه عامة له، حاكمة عليه بجريان حكم الشرط والمانع عليه، حتى يجوز - مثلا - الصلاة في مستصحب الطهارة دون مستصحب النجاسة، وهو واضح.
الثالثة: كما يجري الاستصحاب في الأمور الوجودية فهكذا يجري في نفي الحكم الشرعي، فيحكم بأن الشئ الفلاني ليس بواجب، وذلك أن عدم الوجوب يتصور على نحوين، فتارة يكون أمرا أنشأه الشارع، كما إذا أنشأ وقال: " شرب التتن ليس بحرام "، وتارة يراد منه أن الشارع مع الالتفات إليه لم ينشئ له حكم الوجوب، وأنه من قبيل ما سكت الله عنه فإذا كان الحالة السابقة لشئ عدم الوجوب بأي من الوجهين، ثم شك في بقائه فالاستصحاب يحكم ببقائه على ما كان.
والوجه لجريانه: أن العنوان المذكور في أخبار الاستصحاب شامل له، وحيث إن نفيه يخرج المكلف عن الحيرة ويشخص وظيفته القانونية فمفاد الاستصحاب فيه ليس خارجا عن شأن التشريع والتقنين، ولا دليل على أزيد منه، وكما قال في الكفاية: (عدم إطلاق الحكم على عدمه غير ضائر).
وأما جريان الاستصحاب في نفي موضوعات الأحكام فبناء على مبنى القوم من دلالة نفس الاستصحاب واقتضائه لترتب الأحكام لا بأس بجريانه، فإنه كما أن استصحاب أنه خمر يكون بمعنى أنه حرام فهكذا استصحاب أنه ليس بخمر يكون في معنى انتفاء الحرمة ومن جهة احتمال الخمرية، وهو تبيين لوظيفة الحيران في الجملة في مقام العمل.
وأما بناء على ما حققناه من أن رسالة الاستصحاب ليست إلا إبقاء ما كان،