ولم يعلم مبدأ هذا العروض وأول زمانه يحكم ببقاء عدالته وعدم فسقه، ويرتب عليه أحكامه الشرعية إلى زمان يعلم بأنه فيه فاسق، إلا أن مقتضى هذا الاستصحاب مجرد أنه عادل أو غير فاسق في زمان الشك، من دون أن يثبت به زمان انتفاء عدالته وحدوث الفسق له.
وأما إذا كان هنا حادثان لوحظ أحدهما إلى الآخر: فإما أن يكون كلاهما مجهول التأريخ، وإما أن يكون أحدهما معلوم التأريخ.
وقبل الورود في البحث عن الصورتين ينبغي التنبه لنكتة، هي: أن الغالب في موضوعات الأحكام أن الموضوع لها عنوان خاص رتب عليه الحكم بنفسه، أو عنوان مضاف إلى عنوان آخر، كما إذا قال مثلا: " ملاقاة النجس للماء القليل توجب نجاسته "، ولا شأن للزمان، إلا أنه ظرف لتحقق الأحكام وموضوعاتها، حتى أنه فيما يجعل الزمان قيدا فإنما يكون قيدا بما أنه ظرف، كقوله تعالى:
* (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) * (1) فالبحث الجاري مجراه الطبيعي إنما هو ما أعطي فيه الزمان شأنه المعمول، أعني الظرفية.
وهكذا الأمر بالنسبة إلى العناوين المنتزعة من المقارنة والتأخر والتقدم، فإنها ليست في الغالب موضوع الأحكام، بل الموضوع ملاقاة النجس القليل مثلا، وهي لا تكون إلا بأن يقارن الملاقاة، لعنوان القلة في الماء، إلا أن الموضوع ملاقاة القليل، لا مقارنتها للقلة.
إذا عرفت هذا تعرف أن كيفية البحث في كلام الشيخ الأعظم (قدس سره) جار مجراه الطبيعي دون ما في الكفاية.
فموافقا لما في كلام الشيخ (قدس سره) نقول: إن كان الحادثان مجهولي التأريخ، كما إذا لاقى نجس ماء كان قليلا فصار كرا، ولم يعلم زمان حدوث الملاقاة ولا الكرية، فلو ثبت أن الماء كان قليلا في زمان الملاقاة لعمه الدليل الاجتهادي الدال