والحالات في المثال ونحوه إنما هو الظرفية لا غير.
ونستنتج منه: أن الأزمنة والحالات والظروف يصح أن تكون موجبة لتعدد الأحكام، من دون أن يقيد موضوعها، بل كان الموضوع نفس طبيعة واحدة، يحكم عليها في حالة وزمان بحكم، ولا يحكم عليها به، بل يحكم بخلاف هذا الحكم عليها في زمان آخر وحالة أخرى، بلا لزوم محذور أصلا.
ثالثها: أنه كما أن الأحكام المجعولة الكلية يتصور لها وجود قبل فعلية موضوعها أو ما هو كالموضوع لها فيصح القول بأن من القوانين الإلهية " وجوب صلاة الجمعة في كل جمعة " وان كان فعلية الوجوب موقوفة على حضور الوقت لكل صلاة، فهكذا عدم هذه الأحكام، فصح أن يقال: إنه ليس تجب الصلاة في زمان الغيبة، فهي أيضا قضية كالقضايا الحقيقية الإيجابية لا تتوقف صحتها على فعلية الظرف الخاص وإن كان فعلية عدم الوجوب قبالا للوجوب متوقفة على فعليته.
وواقع الأمر أن الزمان الخاص ظرف للحكم المجعول الإيجابي، والنفي يرد على هذه الجملة، فإذا شرع الشارع أن الجلوس واجب بعد زوال الجمعة فالظرف ظرف لتعلق الوجوب بطبيعة الجلوس فإن لم يشرع الشارع نقول: ليس الجلوس بواجب بعد زوال الجمعة فالنفي يرد على هذه الجملة التي يكون الظرف فيها ظرفا للوجوب، لا أن الظرف لوحظ ظرفا للعدم، ولا ندعي أنه لا يصح جعل ظرف ظرفا للنفي، وإنما ندعي صحة أن يكون الظرف ظرفا للمنفي ويرد النفي عليه.
وفي محل الكلام حيث إن المستصحب هو نفي الأحكام الثابت قبل تشريع الشريعة، فزمان ما بعد الزوال يتصور ظرفا للوجوب المتعلق بالجلوس، ويقال: إن الجلوس بعد زوال الجمعة لم يكن واجبا، فيرد النفي على القضية الإيجابية بما لها من الخصوصيات، ومنها: أن ما بعد الزوال ظرف تعلق الحكم بالطبيعة التي هي موضوع الإيجاب، وكما أن الإيجابية قانون كلي يصح التصديق بوجوده قبل ذلك الظرف فهكذا نفيها ثابت قبله ولو كان تبعا لها. وكما أن فعلية وجوب طبيعة