لا في عالم العين والخارج، فقوام مثله إنما هو باعتبار من بيده الاعتبار من العقلاء أو الشارع، وأرى أنه أمر واضح يدركه كل أحد إذا راجع وجدانه العقلائي.
ولو قيست الأقسام الثلاثة كان الموجود الحقيقي - أعني القسم الأول - في الرتبة الأولى، ثم يليه القسم الثاني الذي يعبر عنه ويدركه العقل بلا حاجة إلى اعتبار معتبر، ثم يليهما الأمور الاعتبارية، فإنها مشتركة مع القسم الثاني في أنه لا وجود لهما في عالم الحقيقة والخارج، ويضعف عنه في أن القسم الثاني لا يحتاج في تحققه الذي ليس إلا تحقق منشأ انتزاعه إلى اعتبار أحد، بخلاف القسم الثالث الذي تمام قوامه باعتبار من إليه الاعتبار.
ثم إن من لاحظ المجالس المقننة الموجودة في أكناف العالم يصدق ضروريا بوجود الإعتبارية إجمالا، إذ لا يشك في أن القوانين الموضوعة في تلك المجالس تعد أمورا موجودة عند العقلاء، يترتب عليها وجوب الطاعة، بعد ما صارت فعلية وأودعت بيد الاجراء.
إذا عرفت هذه الأمور نقول: بعدما كان ملاك المجعولية هو أن يكون الشئ من المقررات الاعتبارية القانونية فمثل السببية والشرطية والجزئية والقاطعية والمانعية ليست من الأمور والأحكام المجعولة، وذلك أنا نرى تحقق هذه المفاهيم في موارد ليس فيها من التقنين والجعل الاعتباري عين ولا أثر، كما نرى تحققها في الموارد المرتبطة بالقوانين أيضا بنفس ذاك المفهوم الذي يوجد في الموارد الأجنبية عنها، فهذا يكشف كشفا قطعيا عن أن أمثالها من قبيل الأمور الانتزاعية لا الاعتبارية المجعولة.
مثلا: إذا لاحظنا الإنسان نحكم بأن يده جزء منه، كما أنه إذا لاحظنا كتابا نحكم بأن كل ورقة وسطر جزء منه، والإنسان واحد حقيقي، والكتاب واحد عرفي، وليس في شئ منهما أثر من الجعل القانوني، وملاك هذه الجزئية أنه يلتئم منه ومن مثله - من سائر الأجزاء - الكل، فهكذا إذا لاحظنا واجبا مركبا - كالصلاة - نحكم بأن السورة أو الحمد جزء منه بنفس ذاك الملاك الموجود في يد