هي طريق إلى متيقنها، وهذه الصفة لا فرق فيها بين موارد تعلقها وأقسام متيقنها في أن بقاءها في جميع الموارد محتاج إلى تحقق أسباب وجوده بقاء كما احتاجت إليها في حدوثها، فما لم يحصل للنفس مباد توجب لها الانكشاف التام لا تكون على يقين بالشئ، سواء كان ذلك الشئ مما يبقى إن لم يرفعه رافع، أم لا.
وثانيا: لو سلمنا أن المراد باليقين ليس نفس الصفة المذكورة نقول: إن الأمر الذي يكون نقضه وعدم نقضه تحت اختيار المكلف ويصح تعلق النهي به إنما هو ترتيبه لآثار المتيقن في مقام العمل، فبيده أن يصلي خلف من شك في بقاء عدالته ويطلق عنده وأن لا يفعل، وأما عدالته أو جواز الصلاة والطلاق خلفه وعنده فليس أمره بيده، ولا أنه مراد في الروايات، ومن الواضح أن الإقدام على ترتيب الأثر وعدمه منوط بإرادة المكلف، لا يفترق فيه موارد كون المتيقن فيه اقتضاء البقاء وعدمه، بل لو خلي ونفسه فربما يقدم على معاملة الباقي فيما يشك في اقتضائه للبقاء، وعلى معاملة المنتفي مع ما فيه اقتضاء البقاء.
وبالجملة: فلا يكون في لفظ " النقض " قرينة تقتضي رفع اليد عن إطلاق المتعلق. والمحكم هو إطلاقه.
الوجه الثاني: ما في تقريرات العلامة الميرزا النائيني (قدس سره)، وهو أن اليقين وإن أريد به نفس هذه الصفة إلا أن إضافة النقض إليه إنما تكون باعتبار ما يستتبعه اليقين من الجري على ما يقتضيه المتيقن والعمل على وفقه، فالجري العملي على وفق المتيقن الذي يستتبعه اليقين هو العناية المصححة لورود النقض ونسبته إلى اليقين، فيكون مفاد قوله (عليه السلام): " لا تنقض اليقين بالشك " هو أن الجري العملي الذي كان يقتضيه الإحراز واليقين لا ينقض بالشك في بقاء المتيقن، وتعلق النقض بالجري إنما يصح في ما كان للمتيقن اقتضاء البقاء، وإلا فالجري العملي بنفسه ينتقض، ولا يصح ورود النقض على اليقين باعتباره، فإذا شك في اقتضائه للبقاء كان لازمه الشك في صدق النقض عليه، فلا يندرج في عموم قوله: " لا تنقض