اليقين بالشك "، يعني لكونه من باب التمسك بالعام في ما يشك أنه مصداق له، وبعد اقتضاء النقض له فلا أقل من أن إطلاق اليقين الذي ورد في الحديث النقض عليه يخرج عن كونه قابلا للاستناد إليه، فلا تكون أدلة الباب حجة في غير موارد الشك في الرافع. هذا (1).
أقول: وهذا الوجه - كما ترى - مشترك في الأساس مع الوجه الأول، إلا في المستعمل فيه للفظ اليقين فإنه في هذا الوجه هو نفس المعنى القائم بالنفس، بخلاف الوجه الأول. وكيف كان فالجواب عنه: أن فيه مغالطة نشأت من خلط المفهوم بالمصداق، فإن الجري العملي المذكور في كلامه هو مصداق لنقض اليقين ومصحح لنسبة النقض إليه، وإلا فالنقض لم ينسب إلى نفس الجري، وإنما نسب إلى اليقين نفسه، وقد عرفت أن اليقين لا فرق فيه بين موارده وأنه في البقاء محتاج إلى بقاء مباديه، أعني الإشراف والإحاطة بالمتيقن بما يستتبع في النفس اليقين، وهو أمر محتاج إليه مطلقا بلا فرق بين ما فيه اقتضاء البقاء وغيره.
الوجه الثالث: ما في تعليقة المحققين الخراساني والهمداني (قدس سرهما) على فرائد الشيخ الأعظم (قدس سره)، ولعله إليه يرجع التقريب الآخر المذكور في فوائد الأصول (2)، وحاصله: أن اليقين وإن أريد به نفس الصفة النفسانية إلا أن النقض يقتضي أن يكون ما يرد عليه النقض أمرا ملتئما متحققا لكي ينتقض بورود النقض عليه، وحيث إن اليقين ليس باقيا في زمان الشك فلا بد أن يكون بحيث كأنه باق مفروض التحقق لكي يتصور فيه النقض وعدمه، والبقاء الكذائي إنما يكون إليه سبيل في خصوص ما كان في المتيقن اقتضاء البقاء، فتختص الأدلة به.
وفيه: أن الرجوع إلى روايات الباب يوجب اليقين بأن اليقين الذي تعلق به النقض إنما هو اليقين الذي قد زال بعروض الشك، أعني لذلك اليقين الحقيقي