الجمعة، فيجر هذا الحكم الشخصي في كل جمعة إلى ما بعد الزوال.
فالحاصل: أنه لا مجال للاستصحاب الوجودي مع كل من هذه الثلاثة فإذا أسقطت بالمعارضة وصلت النوبة إلى الاستصحاب الوجودي، وكان جاريا بلا إشكال. هذا.
ثم لو سلمنا عدم اجتماع مفاد الاستصحاب الوجودي واستصحاب عدم وجوب الجلوس بعد الزوال في مقام العمل لكان اللازم جريان الاستصحاب العدمي فقط، وذلك أنه - كما عرفت كقضية حقيقية يكون استصحابها، بمعنى أن الشارع تعبدنا بأنا على يقين من مفادها، إذ لا معنى لعدم نقض اليقين بها بالشك إلا بقاء اليقين تعبدا، واليقين بالقضية الحقيقية عين اليقين بحكم أفراد موضوعها، لا أن أحدهما لازم للآخر، وعليه فالشارع بمقتضى هذا الاستصحاب العدمي حكم بأنا على يقين بأن الجلوس بعد الزوال من كل جمعة ليس بواجب، فقد انتقض أحد ركني استصحاب الوجوب، فإنا لسنا على شك من بقائه تعبدا بمقتضى هذا الاستصحاب العدمي، وهذا بخلاف الاستصحاب الوجودي فإنه - كما عرفت - مصبه ومجراه فرد من الوجوب وشخصه، فهو إنما يقتضي التعبد بأنه على يقين من هذا الفرد، وليس اليقين بالفرد يقينا بالكلي. نعم، انضمام جميع الاستصحابات الوجودية الجارية في كل يوم جمعة لازمه اليقين بالكلي، لكنه من الأخذ بمثبتات الأصول، فاستصحاب العدم في قالب القضية الكلية حاكم على الاستصحاب الجاري في الفرد، وجوديا كان أو عدميا، ولا عكس، فاللازم هنا هو جريان الأصل العدمي دون الوجودي. هذا.
ثم إنه لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب الوجودي لابتلائه بمعارضة ذاك الاستصحاب العدمي فهو إنما يكون في الشبهات الكلية الحكمية، وأما الشبهة الموضوعية كما لو شك في بقاء النهار في يوم شهر رمضان لشكه في استتار القرص أو زوال الحمرة وعدمه فاستصحاب بقاء وجوب الصوم جار بلا معارض، فإنه لا يشك هنا في حكم كلي حتى يجري استصحاب عدمه الثابت قبل الشريعة،