الجلوس على المكلف - لو كان وجوب - موقوفة على حضور الوقت وفعلية الزمان فهكذا فعليه عدم الوجوب، فإذا آن ما بعد الزوال لا يجب على المكلف جلوس بمقتضى هذه القضية السلبية.
رابعها: أنه كما أن نفي وجوب طبيعة مقيدة حيث إنه في قالب قضية حقيقية لا يقتضي إلا انتفاء هذا. الوجوب الخاص، ولا ينافي تعلق الوجوب بنفس الطبيعة المجتمعة مع المقيدة أيضا فهكذا نفي تعلق الوجوب بنفس الطبيعة في زمان خاص إذا كان في قالب قضية حقيقية لا يقتضي إلا أن مفاد هذه القضية التي ورد النفي عليها ليست حكما شرعيا، فمعنى قولنا بصورة كلية: " إن طبيعة الجلوس بعد زوال الجمعة ليست واجبة " أن هذا المفاد - أعني وجوب الجلوس بعد زوال الجمعة كليا - ليس حكما إلهيا، وهو لا ينافي أن يكون " وجوب الجلوس يوم الجمعة " حكما إلهيا، فإنه مفاد قضية حقيقية أخرى غير القضية المدخولة للنفي.
وبالجملة: أن صدق هذا النفي إنما يكون بأن لا يكون من الأحكام الشرعية قضية " الجلوس بعد زوال الجمعة واجب " فلا يقتضي إلا انتفاء وجوب الجلوس فعليا من هذه الناحية.
خامسها: أنه إذا حضرت الجمعة - مثلا - ووجب الجلوس قبل الزوال فحيث كان ما قبل الزوال كما بعده اخذ ظرفا للحكم، فالحكم والوجوب وإن كان يصير فعليا إلا أن الواجب هو نفس الجلوس بلا قيد، فإذا زالت الشمس واحتملنا بقاء وجوب الجلوس فمقتضى الاستصحاب هو أن الجلوس واجب بوجوب فعلي كما كان، فبالاستصحاب نجر الوجوب الفعلي لطبيعة الجلوس، وخاصة الاستصحاب هو الجر في الأزمان، إلا أن الزمان ليس قيدا في المستصحب، بل الاستصحاب يحكم ببقاء نفس المستصحب، فالمستصحب والمحكوم بالبقاء هو الوجوب لا غير، لا أنه الوجوب بعد الزوال. ويزيد عليه أنه فرد فعلي ومصداق حقيقي للوجوب الذي تضمنته تلك القضية الحقيقية الكلية.
إذا عرفت هذه الأمور نقول: إن المستصحب في الاستصحاب العدمي هو