وأن المهم في استفادة الكلية منهما هو أن يكون قيد " من وضوئه " إنما جئ به لمجرد خصوصية المورد، حيث إن اليقين أمر تعلقي، ومتعلقه في المورد كان هو الوضوء، وإلا فوجوده كعدمه، وكأنه قيل: " هو على يقين، ولا ينقض اليقين بالشك ".
ثم أفاد في ذيل كلامه: أن الحق أن الجزاء هو مجرد قوله (عليه السلام): " فإنه على يقين من وضوئه " بتأويل الجملة الخبرية إلى جملة إنشائية، فمعنى قوله: " فإنه على يقين من وضوئه " هو أنه يجب البناء والعمل على طبق اليقين بالوضوء (1).
فإنه يرد عليه أولا: مناقضة صدر كلامه لذيله، فإن جعل قوله: " فإنه على يقين " بمنزلة الصغرى، معناه أن الكبرى هي التي تبين وظيفة العمل على طبق ما كان، وأن انطباقها على موضوع الصغرى يبين لزوم العمل على طبق اليقين بالوضوء، وهو مفاد صدر الكلام، في عين أن تأويل قوله: " فإنه على يقين من وضوئه " بوجوب البناء والعمل على طبق اليقين بالوضوء، معناه أن نفس هذه العبارة هي قاعدة الاستصحاب، وهي التي تبين وظيفة العمل على طبق ما كان في خصوص المورد، والجملة الثانية مؤكدة لها وعامة، وهما كما ترى متناقضان.
وثانيا: أن عدم دخل قيد " من وضوئه " في تعيين الوظيفة وإن كان أمرا مسلما - ضرورة أن ثبوت قاعدة الاستصحاب في جميع الموارد لا يجتمع مع دخالة هذا القيد - إلا أن استفادة الكلية ليست منوطة بدفع احتمال قيديته أولا بحيث كان استفادة الجنس من لفظ اليقين تابعا له، بل الأمر بالعكس كاملا، وذلك أن قوله: " فإنه على يقين من وضوئه " - كما قال وعرفت - بمنزلة الصغرى، ودخالة القيود المذكورة فيها في الحكم وعدمها إنما تعرف من الكبرى التي تذكر بعدها وتطبق عليها، فلو قيل بعدها: " ولا ينقض اليقين بالوضوء بالشك " لعلم دخل قيد " بالوضوء " في تعيين الوظيفة، وإذا قيل: " ولا ينقض اليقين بالشك "