بصحيحها ولم يعلم حكمها، وكما أن مجرد انطباق هذين الكليين وتعيين حكم هذين الموردين بهما لا يوجب أن تصير قاعدة الطهارة ولا قاعدة " ما لا يضمن " مسألة أصولية، بل هما مع ذلك قاعدتان فقهيتان، وإن كان تعيين مجراهما في بعض المصاديق من خصوص شأن المجتهد فلا يوجب ذلك كونهما مسألة أصولية حتى في موارد إفادة حكم كلي فقهي فهكذا الأمر في قاعدة الاستصحاب.
وعليه فما أفاده الشيخ الأعظم من أن اختصاص إجرائها في بعض الموارد بالمجتهد يوجب أصوليته هناك لا يمكننا تصديقه، كما أن ما أفاده أيضا من أنه لو أخذنا الاستصحاب من حكم العقل كان مسألة أصولية، نظير حجية القياس والاستقراء فيه ما لا يخفى، فإنا إذا قلنا بأن الاستصحاب هو تلك الكبرى الكلية فلا فرق فيه بين المباني المختلفة.
نعم، لو قلنا - كما قاله المحقق صاحب القوانين - بأن الاستصحاب عبارة عن كون الشئ يقيني الحدوث مشكوك البقاء لأمكن أن نجعله كالقياس وخبر الواحد موضوع مسألة، ونجعل محمولها الحجية، ونبحث عن أنه حجة وطريق أم لا، كما نبحث عن أن خبر الواحد حجة وطريق، وأما إذا قلنا بأن هذا محل الاستصحاب ومجراه، وأن الاستصحاب هو قضية " كل ما علم وجوده ولم يعلم بقاؤه فهو باق " فلا محالة هو قاعدة كلية تنطبق على جزئيات موضوعها وتحكم عليها بالبقاء، كما في جميع القضايا الكلية فقهية كانت أو غيرها، ولا يعقل جعل هذه القضية - بعد الاعتراف بها وفرضها - موضوع الحجية، كما لا يخفى.
وأما ما عن بعض الأعاظم (قدس سره) وتبعه بعض أعاظم تلاميذه - دام ظله - على ما في تقرير بحثهما (1) من أن ملاك أصولية المسألة وقوعها في كبرى قياس استنباط الحكم الفرعي الكلي كما يقال: " وجوب صلاة الظهر مما أخبر به الثقة، وكل ما أخبر به الثقة حجة أو يجب اتباعه، فينتج وجوب صلاة الظهر " وكالحكم المستنبط