أحدها: أن يكون من باب المجاز في الكلمة، بأن استعمل لفظة " الضرر " في معنى الحكم الشرعي الذي يوجبه، فيكون معنى لا ضرر لا حكم يوجب الضرر، باستعمال الضرر فيه.
وفيه: أن التحقيق أنه لا أصل للمجاز في الكلمة في شئ من الموارد أصلا، فإن الارتكاز القطعي شاهد على أن الموارد التي عدوها منه قد استعمل اللفظ في معناه الحقيقي، وادعي انطباقه على المصداق المفروض، فإذا قيل: " رأيت أسدا يرمي " فأسد استعمل في معنى الحيوان الكذائي، وادعي أن زيدا مصداق له، والقرينة قرينة على هذا الادعاء.
ثانيها: أن يكون من باب المجاز في التقدير أو الحذف، بأن كان اللفظ الأول " لا حكم يوجب الضرر " - مثلا - ثم حذف جميع ما بعد " لا " حتى بقي منها لفظة " ضرر "، وهذه المحذوفات مفروضة الوجود مقدرة.
وفيه: أنه أيضا مثل المجاز في الكلمة حرفا بحرف.
ثالثها: أن يكون لفظة " ضرر " مستعملة في معناها، وادعي أن الحكم الموجب له مصداق لهذا المعنى، كما نقوله في: رأيت أسدا يرمي، إلا أن قرينة هذا الادعاء نفس أن إرادة المصداق الحقيقي هنا متعذرة، لوجود حقيقة الضرر في الخارج بداهة، وعد الحكم ضررا ادعاء بعد أن كان هو الموجب والمنشأ له غير بعيد ولا مستنكر.
وفيه: أنه وإن كان صحيحا بنفسه إلا أنه إنما يصار إليه لو لم يكن هنا ما هو أظهر منه، بل هو ظاهر العبارة التركيبية، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
رابعها: ما في الكفاية " من أن المراد نفي حقيقة الضرر ادعاء كناية عن نفي الآثار، كما هو الظاهر من مثل " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد "، و " يا أشباه الرجال ولا رجال "، فإن قضية البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادعاء لا نفي الحكم أو الصفة، كما لا يخفى ".
وفيه: أنه لو أريد نفي حقيقة الضرر كناية عن نفي آثاره لآل الأمر إلى نفي كل