حكم شرعي ترتب على عنوان الضرر، كما في قوله: " ولا رجال " حيث إن المراد الجدي نفي الآثار المختصة بالرجال عن المخاطبين، وكما في قوله: " لا صلاة لجار المسجد "، فإن المراد الجدي نفي الآثار الكمالية المترتبة على الصلاة عما لا يقع من جار المسجد في المسجد، ومن الواضح أنه ليس المراد هنا نفي آثار عنوان الضرر حتى ينتفي حرمته وإيجابه للضمان وأمثالهما، وإن كان مراده نفي موضوعات الأحكام إذا كانت موجبة للضرر فيراد مثلا لا وضوء ضرري كناية عن نفي أثره من الوجوب الشرطي، ففيه: انه خلاف ظاهر الحديث، فإن النفي متعلق بعنوان الضرر، لا بالموضوعات الاخر.
خامسها: ما أفاده شيخ الشريعة في رسالة اللا ضرر من أن وزانه وزان رفع الأحكام المجعولة للعناوين العامة عند حصول الضرر، كما في حديث الرفع حيث يرفع به الأحكام المجعولة على عناوين الأشياء وعند حصول الخطأ والنسيان وأخواتهما، فهنا أيضا ينفي الوجوب المجعول على عنوان الوضوء - مثلا - عند حصول الضرر، وقد عد (قدس سره) هذا الوجه وجها رابعا قبال مختار الشيخ وصاحب الوافية ومعنى التحريم.
وفيه: أن التعبير المذكور في حديث الرفع غير تعبير حديثنا، فإنه في حديث الرفع عبر بأن الخطأ أو ما استكرهوا عليه مرفوع عن الأمة، وقد عرفت أن الرفع عن الشخص لا يتصور إلا في ما يوضع عن كاهله أمر ثقيل، ونفس التكليف أو المكلف به أو مخالفته لما كان ثقيلا فهو يرفع عن عاتقه، فما يستكره عليه هو مخالفة التكليف، و " ما لا يعلمون " نفس التكليف، فيوضع عن عاتق الأمة، وهكذا، وهو بخلاف تعبير الحديث هنا فإن مفاده نفي الضرر، والإخبار بعدم تحققه في عالم الوجود، لا الإخبار بانتفائه عن عاتق المكلف، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
وأما ما يظهر منه من أنه معنى رابع قبال الاحتمالات الثلاثة الأخر فمن الواضح أنه توجيه وتقريب لما اختاره الشيخ الأعظم (قدس سره) كسائر التقريبات الاخر، كما لا يخفى.