للإسلام فله حق إبقاء العذق والمرور إليه، وليس له أن يضار الأنصاري، وحيث إن سمرة رجل عاص متمرد كما يظهر من صدر الحديث والنبي (صلى الله عليه وآله) ولي المسلمين وقيمهم، ومن وظائف ولي الأمر والقيم رفع المظالم ودفعها فلا محالة عليه أن يسد باب هذه المضارة بما يراه طريقا أصلح، ولا يتصور هنا إلا طريقان: إما نصب محافظ وعامل حكومي طول الأيام والليالي للمراقبة عن حائط الأنصاري كي لا يدخله سمرة بلا إذن منه وفجأة عليه، وإما بقلع مادة هذا الفساد، وحيث إن الطريق الثاني هو الأصلح الأسهل فقد اختاره ولي الأمة، وقال: " اقلعها وارم بها إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار " يعني فإنه رجل لا يرضى بحقه ويتجاوز ويتعدى على حقوق غيره، ولا محيص لمثله إلا العزم بطريق آخر على دفع فساده. هذا.
ولعله إليه يرجع الوجه الأول من الوجهين اللذين نقل عن الميرزا (قدس سره) في تقرير بحثه عن القاعدة، فراجع.
وأما الوجه الثاني منهما فحاصله - بعد حذف ما لا يرتبط بما نحن فيه، وبعد الغض عن اضطراب عباراته -: أنه لما كانت ملازمة بين ثبوت حق إبقاء العذق في حائط الأنصاري، وبين حق دخول سمرة عليه فجأة وبلا استئذان، وكان جواز دخول سمرة بلا استئذان ضرريا يرفعه الحديث فاللازم منه ارتفاع حق إبقاء النخلة في الحائط أيضا، كما إذا كان المشي إلى الحمام للغسل ضرريا فإن رفعه بالحديث يستلزم رفع وجوب الغسل، لعدم الانفكاك بينهما.
وفيه: أن هنا طوائف ثلاث من الأدلة: طائفة منها تقتضي ثبوت حق إبقاء نخلة سمرة، كما يظهر من الأخبار المعتبرة الحاكية لقصته. وطائفة أخرى تقتضي أن له حق المرور إلى نخلته للمراقبة عن ملكه والحفاظ عنه والانتفاع به. وطائفة ثالثة تقتضي أن للأنصاري وأهله حق أن يعيشوا بحرية في منزلهم، وحديث لا ضرر بعمومه يدل على أنه تعالى لم يسوغ لأحد إضرار غيره، فلا محالة يقيد إطلاق كيفية استيفاء سمرة لحق مروره بالمصداق الذي لا يوجب ضررا على الأنصاري، ويكون فيه رعاية حقه. ومن المعلوم أن رعاية حق الأنصاري ممكنة لسمرة، وهو