الجاهل بالحكم أو الموضوع في خصوص تزويج من تزوجها عن جهل في عدتها، وأنه هل هو حرام وضعا أم لا؟ وأن التزويج في العدة إذا كان عن جهل فهل هو يؤثر في حرمتها الأبدية؟ وليس فيه تعرض لحكم تزوج المرأة في عدتها تكليفا وأنه - مثلا - إذا كان عن جهل فهل يوجب العقاب أم لا؟ فلا ربط للحديث بما نحن فيه.
وثانيا: أن قوله (عليه السلام) في مقام بيان أهونية الجهل بالحكم عن الجهل بالموضوع: " وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها " يدل على أن المراد بالجهالة بالحكم المذكورة فيه هي الغفلة، أو المقارنة معها، فإنه لو لم تكن غفلة فالملتفت إلى جهله - سواء كان جهلا بالحكم الشرعي أو بموضوعه - قادر على الاحتياط، بخلاف الغافل عن الحرمة فهو لغفلته لا يقدر على الاحتياط، فمورد الحديث لا يرتبط من هذه الناحية أيضا بما نحن فيه.
وثالثا: أن الحديث لو دل فإنما يدل على نفي العقاب عمن تزوج في العدة عن جهل بالحكم أو الموضوع، ولا إطلاق فيه ولا عموم بالنسبة إلى سائر المحرمات والواجبات المجهولة، وعدم القول بالفصل قد عرفت ما فيه، فلا نعيد، والله العالم.
ويمكن ان يستدل للبراءة بقول الصادق (عليه السلام) في ذيل خبر الزبيدي: " لا عذر لكم بعد البيان في الجهل " (1).
فإن تقييد ارتفاع العذر في الجهل بما بعد البيان فيه دلالة واضحة مفهوما على أنه معذور في جهله قبل البيان، وهو عبارة أخرى عن قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وكون القاعدة مما ارتكز عليه ذهن العقلاء يوجب قوة ظهوره في المفهوم، كما في نظائره. فدلالته تامة وإن كان في السند ضعف.
هذا تمام الكلام في السنة.
في الاستدلال للبراءة بالإجماع:
وأما الإجماع فقد ذكر الشيخ الأعظم (قدس سره) له تقارير في فرائده.