أن إتيان هذه الطبيعة كوجوبه مقيد بكونه بعد صدق الشرط، والشاهد على ما ذكرناه مع وضوحه أنه لو فعل الجزاء قبل تحقق شرطه ثم تحقق شرطه لما صح له الاكتفاء به، وتلك آية التقييد المزبور، وإلا فلا وجه لعدم الاكتفاء به بعد إتيان المأمور به بجميع قيوده الدخيلة في تحصيل غرض المولى، غاية الأمر أنه لم يأمر به بعد، والأمر غير معتبر في صحة العمل والاكتفاء به، إذا كان محصلا لغرض المولى بشراشره، ولذلك قلنا: باكتفاء الصبي عن وظيفة الوقت بعبادته التي أتى بها قبل بلوغه، إذا بلغ أثناء الوقت، وبالاكتفاء بصلاة الظهر المأتي بها في وقت الجمعة، ممن لا يصلي الجمعة عصيانا، بناء على وجوبها العيني.
وحينئذ فمفاد كل قضية شرطية، أو شرطية واحدة بالنسبة إلى مرات تحقق الشرط، أن الجزاء لابد وأن يقع عقيب شرطه الموجب له، فالواجب بكل شرط غير ما وجب بالآخر (1)، ومع ذلك فحيث لا يقيد بأزيد من هذه البعدية، فاللازم الاكتفاء بمصداق واحد من الطبيعة، لصدق جميع الايتاآت بقيدها عليه، فمقتضى اطلاق كل شرطية أنه مع تعدد الشرط يكون المقام من باب تداخل المسببات.
ومنه تعرف ما في كلمات الاعلام، من أن مقتضى الاطلاق اجتماع حكمين مماثلين على موضوع واحد. هذا.
مضافا إلى إمكان أن يقال - استنادا إلى ما عرفت من أن القضية الشرطية إنما تدل على تحقق الجزاء، على تقدير تحقق شرطه، وإن لم يبعد دلالتها عرفا على نحو ارتباط للجزاء بشرطه وأما السببية فلا -: إنا ننكر ظهور الجزاء في حدوثه بحدوث الشرط، وغاية دلالته أن البعث نحو إتيان الطبيعة ثابت عند تحقق الشرط وبعنايته.
وبالجملة: فلا يستفاد من الشرطية سببية فعلية للشرط، حتى يقتضي تعدد