وبعبارة واضحة إذا قال المولى: إذا ضحكت فأكرم عالما، وإذا نمت عن صلاة الليل فأكرم عالما، فلا شك في أنه إذا نام عنها فالواجب عليه اكرام عالم واحد أي عالم كان، فلا يقيد بأي قيد، إلا أنه يجب عليه اكرام عالم واحد، فإذا ضحك عقيبه وكذلك إذا ضحك فقط فالواجب عليه اكرام عالم واحد بلا قيد، فإذا كانت الشرطيتان بهذه المثابة لم يقيد الجزاء فيهما بقيد أصلا، فإذا اجتمعا وأريد أن يوجب بكل منهما واجبا خاصا، فمع حفظ ذلك الاطلاق المستفاد منه عند الانفراد فلا محالة بكون مقتضى الجمع بينهما ما عن المشهور: من أن الواجب بكل منهما مصداق واحد غير ما وجب بالآخر.
وأخرى (1)، بأنه لا ريب في أنه لا يكون واحد من الخطابين في الأسباب المتعددة ناظرا إلى الآخر، والتقييد بالآخر - كما هو مقالة المشهور - إنما يصح مع النظر لا بدونه.
وفيه: أن التعبير بالآخر المستلزم للناظرية إنما وقع في الكلمات من ضيق الخناق، ومرادهم أن العرف بعد الحكم بتقديم ظهور حدوث الوجوب في الجزاء بحدوث كل شرط، يحكم بأن الواجب من الطبيعة أفراد منها متعددة عدد الشرائط، فكما أنه لا بأس بأن يطلب المولى بلفظ واحد مصداقين أو مصاديق من طبيعة واحدة، بحيث يكون وجوب كل مستقلا وغير مرتبط بالآخر، وبالجملة لا تكون واجبة ارتباطا، ولا يتعين ما يأتي به مصداقا لأحد الواجبات بخصوصه دون البقية، فكذلك هنا بعد الجمع المزبور، فكأنه قال: أطلب منك مصداقين - مثلا - من الطبيعة، كيف والتقييد بمفهوم الآخر يقتضي أن يتعين مصداق امتثال كل جزاء بحسب مقام العمل عن غيره، بحيث كان أحدهما بخصوصه مصداقا لجزاء خاص، والثاني مصداقا للآخر، ولا أظن التزام أحد به، كما هو كذلك قطعا في المثال.
ومن جميع ما ذكرنا تبين أنه لا وجه لما عن الفخر من ابتناء القولين في المسألة على أن الأسباب الشرعية مؤثرات في الأحكام، أو كواشف عنها، إذ قد