بتقييد عنوان الجزاء في كل شرط بقيد مخصوص، لكن يجوز الاكتفاء بفرد واحد في مقام امتثال الجميع، لكون هذا الواحد مصداقا لجميع هذه الواجبات، والتداخل على الأول - أعني تداخل الأسباب - عزيمة، إذ ليس إلا وجوب واحد، فيسقط بامتثاله بالضرورة، وأما على الثاني فإن كان انطباق العناوين على ذاك الواحد قهريا فكذلك، إذ المفروض أنه بتحققه تتحقق جميع هذه الأمور والعناوين الواجبة، فلا يبقى مجال لبقاء وجوبها بعد امتثالها، وإن كان انطباقها موقوفا على القصد، لكونها من الأمور القصدية، فالتداخل رخصة وتابع لقصده.
الرابع: أن محل هذا البحث ما إذا كان الجزاء قابلا للتكرار، وأما إذا لم يعقل تكرره فليس موضوعا لهذا البحث، وإن كان فيه بحث آخر من حيث تأكد الوجوب وعدمه، وسيجئ إن شاء الله تعالى التعرض له بعد هذا البحث.
الخامس: أن الأسباب التكوينية إذا اجتمعت في محل واحد، فالوجدان شاهد على اختلافها بحسب الموارد، فربما يؤثر كل منها أثرا غير الآخر، كما إذا ضرب أحد مرتين، فإن كل ضرب موجب لوجع وتعب غير ما يوجبه الآخر، وربما يؤثران معا ذلك الأثر الذي يؤثره كل منهما منفردا لو انفرد، فيصير كل منهما جزء السبب، كما إذا فرى أوداج أحد وأصيب قلبه أيضا بسيف، وفي هذا القسم لو وقع الثاني بعد تأثير الأول لما يؤثر أصلا، فإذا كانت الأسباب التكوينية كذلك فصرف ثبوت السببية إجمالا للشرط لا يقتضي ولا يدل على شئ من الوجهين، إذ يحتمل تأثيرهما معا أثرا واحدا، كما يحتمل تأثير كل في وجوب خاص به.
وحيث لا ريب عند أحد أن الأمر والتكليف يسقط بحصول المكلف به كما هو حقه في الخارج، فصرف تعدد الوجوب لا يقتضي تعدد الامتثال إلا أن يكون العنوانان المأمور بهما بحيث لا يجتمعان على مصداق واحد معا، وإلا فالواحد امتثال لكليهما ويسقطان به، بلا خلاف ولا اشكال.
ومنه تعرف أن هذا البحث ليس إلا بحثا لفظيا يبحث فيه عن مقتضى مفاد الأدلة عند تعدد الشروط، وليس بحثا لبيا وعقليا، وأن مبادئ إثبات أي من