مراده (قدس سره)، إذ هو (قدس سره) يرى أن تعدد حقيقة البعث لا ينفك عن تعدد الوجوب (1).
ففيه أولا: أن تعدد الوجوب والطلب بالنسبة لطبيعة واحدة غير معقول عند العقلاء، وخلاف الوجدان والارتكاز.
وثانيا: أن العقل الحاكم في باب الامتثال إنما يحكم بلزوم أن يأتي العبد ويقدم إلى المولى ما طلبه منه فقط، فإذا طلب منه نفس الطبيعة الصادقة على فرد واحد، فلا يوجب على العبد ولا يلزمه إلا بإتيان نفس الطبيعة فقط، إذ المفروض أنها هي التي طلبها منه، سواء كان الطلب المتعلق به واحدا أم متعددا.
ومن أحسن البيانات لقول المشهور ما في بحث نية الوضوء من مصباح الفقيه، وقد نقله بمعناه في نهاية الدراية، وبين ما يرد عليه فراجعهما (2).
فالبيان الصحيح لمذهب المشهور إنما هو الاستناد إلى العرف، وأنهم يقدمون أصالة ظهور الشرطية في حدوث الجزاء بكل شرط على أصالة اطلاق المادة في الجزاء، ولا يرد عليه سوى ما عرفت.
وربما يورد عليه تارة (3) بأن غاية التقديم أن الوجوب في كل شرط تعلق بغير ما تعلق به في الآخر، وهو إنما يقتضي تعدد العنوانين المأمور بهما، وأما أنهما ينطبقان على واحد أم لا فلا دليل عليه.
وفيه: أنه لا ريب في أنه إذا انفرد كل شرط فالمفهوم من الشرطية عرفا وجوب مصداق واحد من طبيعة الجزاء أي مصداق كان، فإذا فرض ثبوت هذا الاقتضاء لها في صورتي التقارن أو التأخر أيضا، فلا شك أنه لا يتغير مفهومها حينئذ عما كان مفهوما لها عند الانفراد، فلا محالة بكون الواجب بكل شرط مصداقا واحدا غير ما وجب بالآخر.