دعوى ظهور كلمة المتعارضين في خصوص ما إذا كان الخبران بنفسهما غير ممكني الاجتماع، لا بواسطة العلم بعدم ملاك حكم أحدهما، أو بكذبه وعدم إرادته، وتفصيل المقال موكول إلى مبحث التعادل والترجيح، وببالي أن مختار صاحب الكفاية التعميم، فراجع (1).
وعلى ما ذكرنا فإذا علم بملاك الحكمين في المجمع فلا تنافي بين دليليهما في المجمع على القول بالجواز، وأما على الامتناع فإن كان مفادها البعث والزجر الفعلي وقع بينهما تناف في المجمع، لعدم إمكان إرادتهما معا، وأما إن كان مفادهما حكما اقتضائيا فلا تنافي بينهما على الامتناع أيضا، لكن أدلة الأحكام ظاهرة في الحكم الفعلي لا الاقتضائي، إذ الصحيح في المراد به أنه البعث أو الزجر - مثلا - بداعي جعل الداعي الاقتضائي، وبعبارة أخرى: يراد من وجوب الشئ - مثلا - أنه بحيث لو لم يمنع مانع فهو واجب، وإذا عرض عنوان طار مانع يمنع عن البعث الفعلي مع بقاء الموضوع على اقتضائه، وبهذا فسر الحكم الاقتضائي - في نهاية الدراية - وقد نقل شيخنا الأستاذ " دامت بركاته " في بحثه الفقهي قبل يومين أنه مراد والده العلامة المحقق الحائري (قدس سره) من القول باطلاق المادة.
أقول: ولعله المراد مما يقرع الآذان من الحكم الحيثي، وكيف كان فمعلوم أن هذا المعنى خلاف ظاهر أدلة الاحكام طرا جدا، بحيث لا يمكن المصير إليه لدى الجمع أيضا.
الثامن: بعد ما عرفت أنه لا يكاد يكون من باب الإجتماع، إلا ما كان شاملا على ملاك الحكمين، فهل الحكم بكون مورد من مصاديق البحث موقوف على احراز ملاكهما فيه؟ أم لا يتوقف عليه عرفا؟ لا بمعنى عدم الحاجة إليه ثبوتا، بل بمعنى عدم التوجه إليه إثباتا.
قد يقال: بان العرف إذا لم ير أحد العنوانين مرتبطا بالآخر فهو من باب الاجتماع، وإن لم يصدق باشتمال المجمع على الملاكين.