وقد يراد إثبات الأمر على المبنى الأول أيضا بدعوى عدم المانع من ثبوت الوجوب للمجمع بعنوان معذورية المكلف في مخالفة نهيه، بلحاظ عدم شمول دليل النهي له بهذا العنوان - كما أوضحه في النهاية -.
والجواب عنه أن الحرمة وإن فرضت أنها لم تنشأ، إلا أن البغض المبدأ له ثابت بثبوت ملاكه، وهو مانع من تعلق الحب به حتى ينشأ بتبعه الوجوب، ولو فرض انتفاء البغض فلا حاجة إلى ثبوت الوجوب على هذا العنوان الطارئ، بل يصح إنشاؤه على نفس العنوان الأولي أيضا، ومنه تعرف النظر فيما في نهاية الدراية. هذا.
وأما اثبات الأمر بنحو الترتب، أو اثبات كونه امتثالا بنحو ما في الكفاية، فالجواب عنه مذكور في نهاية الدراية، فراجعها.
العاشر: هل يعتبر في كون مورد من مواضيع البحث أن يكون بين متعلق الأمر والنهي عموم من وجه، أم يجري النزاع في العام والخاص المطلق؟
الذي ينبغي أن يقال أنه لا ريب في اعتبار اختلاف حقيقة عنواني الحرام والواجب - كما مر عن الفصول - وذلك أنه مع وحدتهما يعد الدليلان متعارضين، ولو كان عامين من وجه، كما يظهر بالنظر إلى قوله: " أكرم العالم أو العلماء " وقوله " لا تكرم الفاسق أو الفساق " فبعد اعتبار هذا الاختلاف، فالظاهر أن الدليلين لا تعارض بينهما بل من باب الاجتماع، وإن كان بينهما العموم والخصوص المطلق، فإذا قال: صل، وقال أيضا يحرم الغصب بالصلاة، كانا من باب الاجتماع، ولم يكن فرق بينه وبين ما إذا قال: لا تغصب، بعد قوله: صل.
وأما اعتبار أزيد من ذلك وهو عدم اتحاد عنوانيهما في الوجود، حتى لا يكون قوله: " اشرب الماء " وقوله " لا تتصرف في مال الغير " فيما شرب ماء الغير، من قبيل الاجتماع، بل من باب التعارض - كما عن المحقق النائيني (قدس سره) - فهو أشبه بالخروج من موضوع البحث في كلامهم، فإن موضوعه كما ظهر مما سبق اجتماع العنوانين على واحد، فتذكر.