أقول: والظاهر أن العرف إنما يحكم بكون المجمع من باب الإجتماع، إذا لم يكن شاكا، بل كان معترفا بأن الصلاة أو الغصب - مثلا - في المجمع لا ينقص عنه في غيره، وإنما يمنع عن حكمه لو منع اجتماعه مع محكوم بحكم يخالفه ويضاده، وهو عبارة أخرى عن الاحتياج إلى إحراز الملاكين.
وعليه فإن كان وجودهما معلوما باجماع أو غيره فهو، وإلا بأن لم يكن في البين إلا اطلاق الحكمين اللذين موضوعهما من قبيل موضوع الاجتماع (1) لا من قبيل موضوع التعارض، فالظاهر أنه يكشف عنهما في المجمع بنفس الإطلاق أما على الجواز فواضح، وأما على الامتناع فليس الوجه فيه ما في نهاية الدراية والمقالات من أن دلالة دليل الحكم على ثبوت الملاك بالالتزام، والدلالة الالتزامية تابعة للمطابقة وجودا لا حجية، لما فيه من أن الملاك من لوازم الوجود الواقعي للحكم، لا وجوده الخيالي، فإذا تبين عدم أحدهما على الامتناع، فلا ملزوم حتى يكشف عنه لازمه، وهذا البيان جار في جميع الدلالات الإلتزامية، إذا اللازم لازم للوجود الواقعي للملزوم لا لوجوده الخيالي.
بل الوجه فيه أمران:
أحدهما: ما في نهاية الدراية من التمسك بإطلاق المادة، وحاصله: أنه بناء على وجود الملاك في مورد الإجتماع أيضا فلا وجه لتقييد المادة، إذ الحكم على التحقيق متعلق بالطبيعة، كما مر، وإيجاب الطبيعة على المكلف غير مشروط إلا بالقدرة على فرد غير مزاحم. كما أنه بناء على اختصاص الملاك بغيره لابد وأن يقيد المادة، إذ هو المتعارف في المحاورات - كما سيجئ بيانه - إن شاء الله تعالى - في بحث المطلق والمقيد - مضافا إلى لزوم نقض الغرض فيما كانت عبادة بالنسبة إلى الناسي والجاهل - كما أوضحه في النهاية -.
وحينئذ فإذا كان متعلق التكليف مطلقا، يستكشف من إطلاقه أنه بلا قيد تمام مراد المولى، فبه بوصف الاطلاق يقوم غرضه، وهو لا يكون إلا إذا كان