أفاده في نهاية الدراية تصحيحا لعدم الحاجة إلى التقييد ممنوع، وقد عرفت أن الصحة أو الفساد ليس ثمرة لهذه المسألة، بل ثمرتها غيره وقد مرت.
السادس: هل يمكن ابتناء نزاعنا هذا - بعد التحفظ على موضوعه أعني تصادق العنوانين على وجود واحد - على مسألة تعلق الأمر بالطبيعة أو الفرد؟
الحق أن يقال: إن كان المراد من ذلك النزاع تعلق التكليف بالطبيعة أو فردها بجميع خصوصياته الكائنة معه، أو تعلقه بالوجود الخارجي، أو عنوانه، فللابتناء وجه، إذ بعد تعلقه بجميع الخصوصيات التي منها كونه تصرفا في مال الغير - مثلا - أو كون التصرف صلاة - مثلا - يتحد موضوع الأمر والنهي، كما أنه إذا فرض أن ليس لنا في الخارج إلا وجود واحد، وهو المتعلق للتكليف فلا مجال لأن يتعلق به إلا تكليف واحد، فالقائل بالفرد على أحد المعنيين لا محالة يلتزم بالامتناع، بخلاف القائل بالطبيعة.
وأما إن أريد به تعلقه بالطبيعة الكلية، أو مصداقها الذاتي بما أنه مصداق لها، أو مع تشخصه وملازمته لكلي المكان والزمان، أو مع ملازمته لشخصهما لا لمثل العنوان الطارئ الذي هو الغصب أو الصلاة مثلا، أو أريد تعلقه بالوجود السعي أو الشخصي بما أنه وجود للطبيعة، أو أريد تعلقه بالوجود أو الماهية، بناء على تعلقه بالأصيل منهما فلا فرق بين شئ من المسلكين في هذا النزاع، إذ القائل بالطبيعة إن قال بالجواز لعدم السراية إلى الخارج، وكون العنوانين متباينين كان الأمر كذلك على القول بالفرد أيضا، وإن قال به مع السراية لتعدد العنوانين فقط لم يكن فرق بينهما أيضا، بعد أن المفروض وحدة معنون العنوانين في محل النزاع. هذا كله بالنسبة إلى محذور تضاد الحكمين.
وما في نهاية الدراية (1): من أن لازم القول: بأصالة الماهية عدم اتحاد متعلقي الأمر والنهي هو من مفاسد القول بأصالتها مخدوش، بأن لازمه عدم اتحاد ماهيتين، لاكل عنوانين، وفي الحقيقة وقع في كلامه (قدس سره) خلط بين الماهية