المقدمة الثالثة: لا يوجب تعدد الوجه والعنوان تعدد المعنون... إلى آخره.
وهذه المقدمة أيضا ظاهرة، كما بينه (قدس سره)، ولمزيد التوضيح نقول:
قد مر مرارا أن موضوع الكلام هو ما إذا صدق متعلقا الأمر والنهي على واحد، والصدق هو المصحح للحمل بينهما حمل هو هو، ولا ريب في أن مفاد هذا الحمل هو العينية في الوجود الخارجي، فمفروض البحث هو اتحاد كل من متعلقي الأمر والنهي مع المجمع، المستلزم لاتحاد المتعلقين في الوجود الخارجي، سواء كان أحدهما أو كلاهما من قبيل المشتقات، أو كان كلاهما من الجوامد، كما إذا أمر بشرب الماء ونهى عن التصرف في مال الغير فشرب ماء الغير، فإن هذا الوجود الواحد الخارجي شرب الماء وتصرف في مال الغير، وفيما كان أحدهما أو كلاهما مشتقا، وإن فرض اختلاف مبدئه مع الآخر في الوجود، إلا أنه لما كان المكلف به هو المشتق فهو متحد مع الآخر في الوجود. هذا.
والتحقيق أن متعلق الأحكام التكليفية دائما من قبيل الجوامد، إذ هو فعل المكلف وعمله وإتيانه، وهو معنى مصدري أو اسمه، وكيف كان فهو من الجوامد، واتحاد المتعلقين دائما من قبيل اتحاد المبادئ وعينيتهما في الوجود الخارجي.
المقدمة الرابعة: لا يكاد يكون للموجود بوجود واحد إلا ماهية واحدة....
ولا يتفاوت فيه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهية... إلى آخره.
وبيان وحدة ماهية الموجود بوجود واحد: أما على أصالة الوجود فلأن الماهية حد الوجود، والوجود الواحد إنما له حد واحد. وأما على أصالة الماهية فلأن الوجود عليها وإن كان أمرا انتزاعيا إلا أنه في الوحدة والتعدد تابع لمنشأ انتزاعه، ففرض وحدته كاشف عن وحدة منشأه الأصيل - أعني الماهية.
وغرضه (قدس سره) في هذه المقدمة دفع أمرين: أحدهما: ما استظهره من الفصول من أن لازم القول بأصالة الماهية جواز اجتماع الأمر والنهي. ووجه دفعه أن في مفروض البحث، وهو وحدة الموجود المجمع، الماهية الأصيلة واحدة، وما عداها عنوان انتزاعي منتزع منها متحدة معها، فلا أقل من أن يكون متعلق واحد من