وعلى وزان ما إذا كانت إرادة شخصية، فلذلك ففي أمثال المورد المذكور يبعث إلى المقدمة ويوجبها فعلا، ولا فعلية لوجوب ذيها.
وأما ثانيا: فلما عرفت من أن مقدمة الوجوب إذا كانت مقدمة للوجود أيضا وكان مقدمة الوجوب أمرا عاما يعلم بتحققه لا محالة، إلا أن مقدمة الوجود أن يحقق المكلف نفسه تلك المقدمة، فبمقتضى ما قد عرفت في الإيراد الأول من التحقيق يجب عليه الإتيان بمقدمة الوجوب بما أنها مقدمة للوجود، وذلك كأن يوجب على عبده ضيافة زيد - مثلا - بشرط نزوله بالبلد، وكان زيد ينزلها لا محالة، إلا أنه إن جاءها لا بواسطة العبد وفي سيارته - مثلا - لما يقبل ضيافته، ففي هذه الصورة يجب عليه أن يهيئ وسائل نزوله ويأتي به مقدمة لأن لا يفوت الغرض الفعلي لمولاه.
وأما ثالثا: فلأن ما ذكره وجها لعدم تحصيل العنوان وإن كان صحيحا، بل الحق أن مبادئ عناوين المكلف من شرائط الوجوب فهي محكومة بحكمها، إلا أنه لا يكون وجها لعدم اتصاف المقدمة المأخوذة بشرط عدم البعث بالوجوب، وذلك أنه إذا لم تكن هذه المقدمة شرطا للوجوب فالفعل مورد للتكليف مع عدمها أيضا إذا كانت تحصل بنفسها في محلها، بل الوجه فيه، هو: نفس اشتراطها بأن لا يبعث نحوها كما مر.
تفريع:
قد ظهر مما مر أنه لا بأس بتقدم وجوب المقدمة على زمان الواجب ذي المقدمة، سواء لم يتقدم على وجوب ذيها، كما في الواجب المعلق الذي منه المشروط بشرط متأخر أيضا كما عرفت، أم تقدم على وجوبه أيضا، كما في الواجب المشروط بشرط مقارن، وذلك لما عرفت من أن ما في كلماتهم: من أن الوجوب الغيري وجوب ترشحي من وجوب ذي المقدمة ومعلول له، مما لا أساس له، بل العقل الحاكم في الباب كما يحكم بلزوم إرادة المولى بمباد خاصة