المادة فلأن الشك وإن كان من قبيل الأقل والأكثر الارتباطي، وينحل إلى علم تفصيلي بوجوب الأقل وشك بدوي في وجوب التقيد - لا القيد - إلا أن الإلزام بالتقيد يوجب سعة على المكلف لا ضيقا، فإنه لو كان الواجب مقيدا لما كان يجب الإتيان به أصلا في فرض عدم حصول الشرط والقيد، فوجوب التقيد يوجب سعة لا ضيقا، فلا يجري في رفعه أدلة البراءة.
وحينئذ يقال: إن كان الواجب مشروطا كان مصاديق الواجب خصوص المقيد بالشرط، وإن كان مطلقا عمها وما كان فاقدا له، فتعلق الوجوب بالمقيد معلوم، ولو بما أنه مصداق للمطلق، وتعلقه بالخالي عن القيد مشكوك، وحيث إن تعلقه به ولو بما أنه مصداق لصرف الوجود يوجب ضيقا على المكلف تجري عنه البراءة شرعا وعقلا. هذا غاية تقريب البراءة على مختار الشيخ (قدس سره) وهو بعد غير واضح. وأما ما في التقريرات: من أن الوجوب قبل تحقق الشرط وفي فرض عدمه مشكوك فهو أشبه بالعدول عن المبنى. هذا.
والتحقيق أن يقال: إن ما أفيد إنما يتم إذا كان الفرض فرض عدم حصول الشرط إلى آخر وقت الوجوب، وأما إذا كان المفروض حصول الشرط، فلا ريب في أن الاشتراط حينئذ يوجب ضيقا، والإطلاق يوجب سعة على المكلف يمكنه بمقتضاه أن يأتي بالواجب قبل حصول محتمل الشرطية وبعده، وعليه: فإجراء البراءة بالبيان المزبور غير صحيح، بل على مبنى الشيخ الأعظم (قدس سره) تجري البراءة عن وجوب التقيد، وعلى مبنى غيره لا يمكن إجراء أدلة البراءة في شئ من الطرفين، إذ الوجوب بعد الشرط مسلم، وقبله مشكوك لا يمكن إجراء البراءة فيه لكونه سعة.
اللهم إلا أن يقال بأن الاشتراط لما أوجب الضيق يحكم العقل بالبراءة عنه فتأمل. أو يقال بأنه إذا أتى بالعمل قبل شرطه، ثم تحقق الشرط فتعلق التكليف به مشكوك تجري عنه البراءة شرعا وعقلا.
وكيف كان، فإن علم قبل حصول الشرط بحصوله أولا حصوله بعدا فأمر