في العمل مثقال ذرة، لكنه لا يتمكن من العمل فعلا ويأسف عليه جدا. هذا بالنسبة إلى أفعاله الشخصية، فإذا تحققت هذه المرحلة بالنسبة لمن يكون معتنيا بشأنه مثل ولده وعبده المشفق عليه، فلا محالة يحصل له شوق وميل فعلا إلى إتيانه لهذا العمل في الزمان الآتي، بلا فرق بينه قبل ذلك الزمان وبعدما حضر أصلا، فلذلك يقوم مقام بيان ما يريده ويطلبه، ويدعوه شوقه إلى أن يبعث عبده فعلا نحو العمل الآتي، فيجب عليه الآن أن يأتي بذلك العمل إذا حان حينه وحضر وقته.
ونحن وإن كنا لا نعتقد بالإرادة في الأحكام الشرعية القانونية إلا أنه لا ريب في أن كيفية جعلها على نسق ما إذا كان في البين إرادة.
وبالجملة: فهذا هو الذي نجده بالوجدان من غير أي محذور ولا إشكال.
لكن قد يذكر هنا إشكالات من أعيان الأصحاب (قدس سرهم) لابد من بيانها وبيان الجواب عنها:
الأول - وهو العمدة -: ما في الكفاية عن بعض أهل النظر: من أن الإيجاب بإزاء الإرادة التكوينية المحركة للعضلات، فكما لا تنفك عن وقوع المراد فلا تتعلق بأمر استقبالي، فليكن الإيجاب كذلك (1). انتهى.
وقد شيد بنيانه المحقق صاحب نهاية الدراية (2) فيها بما لعله لا مزيد عليه، إلا أن المحقق صاحب الكفاية قد منع الدعوى في المقيس والمقيس عليه.
والحق: أنا إذا راجعنا أنفسنا في أفعالنا الإرادية، نجد أنه يحصل لنا بعد التصديق بترتب فائدة - ولو كانت دفع الأفسد بالفاسد - على فعل ميل نفساني إلى هذا الفعل - وهو المعبر عنه في كلماتهم بالشوق (3) - فإذا بلغ مرتبته التي يجب أن يبلغها يحكم النفس بأنه لابد وأن يفعل، لكن حكمها هذا منوط بأن لا ترى مانعا