ومفسدة مزاحمة لتحققه، وحكمها هذا كما يمكن تعلقه بوقوع الفعل في نفس زمان الحكم كذلك يمكن أن يتعلق بوقوعه في المستقبل، وبعد هذا الحكم فإذا حان حين العمل يصدر من النفس بعث تكويني وحملة وأمر خارجي بأن تتحرك العضلات نحو إتيانه، وهذا البعث أيضا مشروط بأن تحرز تحرك العضلات ببعثها، فإن طابق إحرازها هذا للواقع فلا محالة تتحرك العضلات بعده، لكن مع هذا كله فالشوق البالغ مرتبته اللازمة - بوجداننا - لا يختلف بوقوع ذلك الحكم بعده أم لا، ولا بتعلق الحكم بوقوعه في زمانه أو في المستقبل، كما لا يختلف بوقوع البعث التكويني بعده وعدم وقوعه، ولذلك فإن كانت حقيقة ما يعبر عنه بلفظ الإرادة نفس هذا البعث الأخير أو ما هو مقيد به من المراتب السابقة فهي لا تنفك عن حركة العضلات إذا كان الإحراز المزبور طبقا للواقع، وإن كانت حقيقتها نفس الشوق المؤكد أو التصميم المذكور فلا يلزمها تحرك العضلات أصلا.
ومنه تعرف النظر في كلمات نهاية الدراية. وأما ما في الكفاية: من أن تحرك العضلات اللازم للإرادة أعم من أن يكون نحو مقدمات المراد فيرد عليه ما في النهاية: من أن إرادة كل شئ إنما تحرك العضلات نحوه، والمقدمات لها إرادات مستقلة بمباد مستقلة وإن كانت ناشئة وتابعة للشوق والإرادة المتعلقة بذيها، وتفصيل هذا الإجمال مسطور في النهاية (1).
ولا يبعد أن يقال: إن المراد بلفظ الإرادة هو التصميم المزبور، كما يشهد له قولك بلا تأول: " إني أريد أن أسافر غدا " فإنه يفهم ويراد منه العزم والتصميم (2)، وعليه فانفكاكها عن المراد لا محذور فيه. هذا كله في الإرادة التكوينية.
وأما الإيجاب والبعث الاعتباري فغاية تقريب استحالة انفكاك الوجوب عن زمان الواجب أن يقال: إن البعث الذي هو مفاد الهيأة وجود اعتباري لتلك الحملة،