وذلك البعث التكويني النفسي، فالمولى ببعثه الاعتباري كأنه يرسل عبده ويبعثه نحو المأمور به، وهذه الحملة وإن كانت لا تنفك - لو كانت تكوينية - عن تحرك المبعوث - أعني العضلات - إلا أنها في البعث الاعتباري بما أن غرض المولى الباعث أن ينبعث العبد بتصور بعثه بمبادئه فلا محالة يتأخر تحركه وانبعاثه بهذا المقدار، كما أن المولى حيث لاحظ المأمور به أمرا واحدا - وإن كان تدريجيا - كما هو كذلك عرفا، وربما كان له مقدمات فلا محالة يكون الانبعاث إليه والتحرك نحوه بالأخذ والشروع فيه أو في مقدماته بحيث يصل بعدها بلا فصل إليه.
فالحاصل: أنه حفظا لكون مفاد الهيأة وجودا اعتباريا لتلك الحملة النفسية لابد وأن يمكن الانبعاث نحوه ولو بمقدماته المتصلة به، وعليه فلا يصح تعلقه بأمر استقبالي لا يمكن الإتيان به إلا في زمان متأخر، هذا.
وهذا التقريب - كما ترى - لا يرد عليه شئ، حتى ما يرد على تقريب نهاية الدراية: من أنه إذا كان الواجب مثل الصوم أمرا مستمرا باستمرار الزمان ومنطبقا عليه فلا إشكال بحسب العرف أن صوم اليوم بجميعه واجب عند طلوع الفجر، وانحلال الوجوب وانبساطه على الأجزاء مسلم، إلا أن هذا الوجوب المنبسط ثابت عرفا عند الطلوع مع عدم إمكان الإتيان بجميع أجزاء الواجب إلا متأخرا. هذا.
إلا أنه مع هذا كله مندفع: بأن البعث والوجوب - كما اعترف به في التقريب - اعتبار عرفي، واعتباره اعتبار إرسال الغير خارجا وتكوينا، لا اعتبار تلك الحملة النفسية، فكما أنه قد يأخذ بيد عبده ويرسله نحو العمل، فهيئة " افعل " وجود اعتباري بمنزلة هذا الإرسال.
وكيف كان فلا يرى العرف تقوم اعتباره هذا بإمكان الانبعاث بلا فصل، والسند مراجعة العقلاء المعتبرين لأمثال هذه الاعتبارات، فراجع.
الثاني: ما عن بعض الأعاظم (قدس سره) على ما في تقرير درسه، وتبعه تلميذه في