حكم بأصل أو أمارة على واجدية العمل لجزئه أو شرطه، وأنه تام الأجزاء مأمور به، أو على وجود التكليف والأمر في مورد فأتى به ثم انكشف الخلاف بالقطع أو الأمارة في الوقت أو خارجه فهل مقتضى القاعدة هو الإجزاء أم لا؟
وتحقيق المقام موقوف على النظر في أدلتها، وأنها هل تدل على ما يستلزم الإجزاء أم لا؟ وحيث إن لسان أدلتها مختلفة فلا بد من البحث عن كل منها بخصوصه.
فنقول: إن البحث تارة عن الأصول، وأخرى عن الأمارات:
أما الأصول فهي كثيرة، منها: أصالة الطهارة، وأصالة الحلية، ومفادهما لما كان إثبات الطهارة والحلية، وهما بنفسهما ليسا حكما اقتضائيا وجوبا أو ندبا، فلا محالة فيما نحن فيه تختصان بتنقيح موضوع التكليف المشروط بالطهارة أو الحلية.
وكيف كان فيحتمل بدوا في المراد من قوله (عليه السلام): " كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر " (1): أن كل شئ يحتمل نجاسته ونظافته واقعا يحكم عليه بأحد الاحتمالين الواقعين، وهو النظافة، حتى ينكشف الخلاف، فالشارع تعبدنا بالبناء العملي على النظافة الواقعية التي هي أحد الاحتمالين حتى نعلم أنه قذر.
ويحتمل في مفاده أن يكون جعلا لطهارة ظاهرية قبال الواقعية، فهو محكوم عليه بمحمول خاص هي الطهارة الظاهرية، كما أن ماء المطر - مثلا - محكوم عليه بمحمول آخر هي الطهارة الواقعية.
ويحتمل أن يراد به: أن كل شئ لم يعلم قذارته فهو طاهر واقعي ادعاء وتعبدا حتى يعلم خلافه، بمعنى أنه وإن احتمل فيه النظافة والقذارة واقعا إلا أنه طاهر ادعائي، ومحكوم بجميع أحكام الطاهر الواقعي ما لم ينكشف الخلاف، فالشارع المقدس بمقتضى ظهور قوله: " حتى تعلم... إلى آخره "، الدال على إمكان النجاسة الواقعية فيه لم يرفع عنه القذارة الواقعية لو كانت، بل هو باق على