من قوله تعالى: * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) * (1)، وقوله تعالى: * (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) * (2)، وقوله تعالى: * (فاستبقوا الخيرات) * (3). بتقريب أن ظاهر الهيأة هو الوجوب، وفعل المأمور به لا ريب أنه من الخيرات وموجب للوصول إلى المغفرة، فالسرعة والفور إليه لازم.
أقول: لو سلم دلالتها فظاهرها أن المأمور بالمسارعة والاستباق إليه بنفسه خير ومغفرة لا تتوقف خيريته على السرعة إليه، فلا تدل على تقييد المأمور به، بل إنما تدل على وجوب مطلوب آخر هو المسارعة إلى إتيان المأمور به، بلا لزوم تقييد في إطلاق أوامر المولى أصلا.
ومع الغض عنه نقول: الظاهر أن الاستدلال بها غير تام، وذلك أن العقل والعقلاء يعدون السرعة والاستباق نحو الخيرات من الأفعال الحسنة التي من قبيل المندوبات بحيث ارتكزت عليه أذهانهم، فإذا القي عليهم مع هذا الارتكاز ما يدل على صرف البعث نحو ما يندبونه أيضا بأنفسهم لم يروا هذا البعث إلا تقريرا لهذا الندب المرتكز بينهم، ولا يفهمون منه ولا يرون حجة على أمر زائد على ما في ارتكازهم.
ولعله إليه يؤول ما عن سيدنا الأستاذ - مد ظله -: من أن الآيات من آيات الوعظ والإرشاد. وما في الكفاية من الجواب الثالث (4)، غاية الأمر أنه (قدس سره) جعل هذا الحكم العقلي العقلائي حكما ارشاديا، لا مصلحة إلا في مادة المأمور به بأوامر المولى الأصلية، والظاهر أنه مولوي، وفي نفس السرعة والاستباق ملاك ومصلحة غير ملاك ما يسرع إليه. هذا.
مضافا إلى أن المسارعة والمسابقة والاستباق بمعنى تقدم الناس بعضهم على بعض في إتيان المغفرة والخير، لا السرعة إلى إتيانهما من مكلف واحد، فلعل