مدلولا للفظ بنحو من أنحاء الدلالة، لأنه إنما هو من آثار الإتيان بالمأمور به، والأمر لا يكون متعرضا بحسب دلالته لما يترتب على إتيان متعلقه، بل إنما هو يدل على الإغراء والبعث نحوه، كما لا يخفى. وهذا الوجه هو الذي دعاهم إلى رفع اليد عن إسناد الاقتضاء إلى الأمر، فأسندوه إلى الإتيان (1). ولي فيه كلام يأتي.
ثم قال: ولا ينافيه البحث في إجزاء الأمر الاضطراري والظاهري، لأنه هناك أيضا عن الاقتضاء الثبوتي وإن كان موقوفا على بحث دلالي أيضا (2).
وأورد عليه بعض أعاظم المحققين (قدس سره) في نهاية الدراية بما حاصله: أن البحث حينئذ يخرج عن كونه أصوليا، إذ البحث الأصولي بما أنه مقدمة لاستنباط حكم فرعي كلي لابد وأن يكون نتيجته كلية يستفاد منها في مقام الاستنباط، فلو توقف على البحث عن إطلاق كل واحد واحد من أدلة الأحكام الاضطرارية والظاهرية، ثم التعبير عنه بعنوان كلي ونتيجة كلية لخرج عن الشأن الذي للبحث الأصولي، إذ يصير الأمر حينئذ بالعكس على ما يراد منه، فإنه من الموارد الجزئية الفرعية استفيد حكم كلي، وقد كان شأنه أن يستفاد منه حكم الموارد الجزئية. هذا (3).
ويمكن أن يقال: إن البحث إنما يخرج عن كونه أصوليا لو كان عقده بالبحث الجزئي عن كل واحد واحد من الأدلة كما أفاد، إلا أن الأمر كذلك، وذلك: أما في الطرق والأمارات فواضح، وأما في مثل حديث الرفع والاستصحاب فكما يكون أصل بحث البراءة والاستصحاب كليا فهكذا هذا الذي من فروعه وخصوصياته.
واما أدلة الاضطرار فالمقصود بالبحث هنا: أنه لو كان أدلته مثل قوله تعالى: * (وان كنتم مرضى... فلم تجدوا ماء فتيمموا) * (4)، وقوله (عليه السلام): " فإن التيمم أحد الطهورين " (5) فهل من إطلاقه يستفاد الإجزاء أم لا؟ وهو بحث كلي أصولي، كما لا يخفى.