الكم والكيف وغيرهما ليس مقوما لجهة إنسانية الفرد على جميع الأقوال، وعليه فللقائل بتعلق الأمر بالطبيعة أن ينازع ويقول بتعلقه بمصداق حقيقي واحد أو بمصاديق متعددة.
كما لا يرد عليه أيضا أن المحذور المذكور في كلام الفصول - وهو ترتب موضوع هذا البحث على المبحث الآتي - لا يندفع به، فلا بد في الجواب من إنكار كونه محذورا.
وذلك أن المحذور في كلامه ليس صرف الترتب المزبور، بل تفرعه على خصوص أحد القولين، فهو يندفع بالجواب المذكور في الكفاية، والجواب عنه بالإنكار غير صحيح، ومنه تعرف الإشكال في كلام صاحب نهاية الدراية، وبعض كلمات سيدنا الأستاذ - مد ظله - فراجع.
ويمكن أن يعكس المطلب على الفصول بأنه لو أريد من المرة والتكرار الدفعة والدفعات لما صح النزاع على القول بتعلق الأوامر بالافراد، وكان من فروع القول بتعلقها بالطبائع، إذ التكرار بمعنى أزيد من دفعة واحدة موقوف على الإتيان بما أتى به أولا، وهو معقول على الطبيعة، إذ هي يؤتى بها ثانية بعدما اتي بها أولى، وأما الفرد ولو كان فردا ما فلا يمكن أن يؤتى به إلا مرة واحدة، وما يؤتى به ثانيا فهو فرد ما آخر، وهذا الإيراد واضح الورود عليه على مختاره (قدس سره) في معنى الفرد:
من أنه جزئي حقيقي، فتدبر جيدا.
وبعد وضوح محل النزاع نقول: الحق أنه لا دلالة للصيغة لا على المرة ولا على التكرار بكلا المعنيين، إذ مفاد الهيأة نفس البعث، ومفاد المادة نفس الطبيعة، ولا ثالث يدل على واحد منهما، والمتحصل من مفادهما هو مطلوبية نفس الطبيعة، غاية الأمر أنه لما كان الفرد الواحد وجودا حقيقيا للطبيعة، بل هو هي حصل الامتثال بإيجاد فرد واحد، لا لانفهام إرادة الفرد من الإطلاق بملاحظة أنه كأنه لا يزيد على الطبيعة - كما في نهاية الدراية - بل لأن المفهوم من الإطلاق أن تمام المطلوب هو نفس الطبيعة ليس الا، فالفرد بما أنه وجود للطبيعة لا بما أنه فرد