ثم إن لأحد أن يقول: كما أن إتيان المأمور به دخيل ثبوتا في الإجزاء فهكذا كيفية دلالة الأدلة، إذ لو استفيد من إطلاق الصيغة أن متعلقه تمام مراد المولى بالنسبة إلى المقام الأول، وأنه بحيث يقوم مقام المأمور به الأولي أو الواقعي - بالنسبة إلى المقام الثاني - فهذه الدلالة أيضا موجبة لدخول الإتيان بمتعلقها في كبرى عقلية كلية هي: أن الإتيان بتمام مراد المولى كاف وواف بالمطلوب ليس له بعد ذلك أمر وطلب، وحينئذ فلما كانت الكبرى العقلية واضحة لا ينبغي النزاع فيها، بخلاف كيفية دلالة الصيغة فإنها ليست بهذا الوضوح، ولا سيما في غير المقام الأول، وكان عنوان البحث بما هو مركز النقض والإبرام أولى، فلذلك يكون التعبير عنه: بأن الأمر بالشئ هل يقتضي الإجزاء إذا اتي به أم لا؟ أولى فتدبر جيدا.
ثم إن في تطبيق كلام الكفاية على بحث المقام الثاني وأنه بحث عن دخوله في كبرى المقام الأول خفاء، والخطب سهل، فتدبر.
الثالث: الظاهر أن الإجزاء بمعنى الكفاية هاهنا أيضا، كما هو معناه في اللغة، والكفاية هو الوفاء بالمطلوب، ولا داعي ولا يصح هاهنا جعلها بمعنى كفاية شئ عن شئ كما أفاده في نهاية الدراية، فراجع (1).
الرابع: لا وجه لتوهم اتحاد مسألتنا مع مسألتي المرة والتكرار، وتبعية القضاء للأداء وعدمها، كما بينه في الكفاية والنهاية وغيرهما (2)، والظاهر - كما في نهاية الدراية - أن محل التوهم الثاني هو إجزاء أمر عن أمر آخر، بتوهم أنه لما كان المفروض عدم الإتيان بمتعلق الأمر الآخر الواقعي أو الاختياري فالقول بالإجزاء قول بعدم دلالته على التبعية، والقول بعدم الإجزاء قول بالدلالة، وإلا ففي المقام الأول المفروض فيه الإتيان بمتعلق الأمر المضاد لمفروض موضوع القضاء لا مجال لهذا التوهم لذي مسكة.
إذا عرفت هذه المقدمات فالبحث يقع في مقامين كما في الكفاية: