فيها مبني على مسلمية أن مفاد الهيأة ليس إلا البعث والطلب حتى يوجب هذا النزاع في مفاده تكرر الطلب ودفعيته، لا تكرر مفاد المادة ووحدتها، وهو غير مسلم ولا واجب، فلعل القائل بالتكرار يقول: إن مفادها البعث نحو مرات من مفاد المادة.
مضافا إلى أن الحق أن مفاد الهيأة - كما يشهد به التبادر ويظهر من المقايسة إلى سائر هيئات المشتقات - هو البعث نحو الإتيان، لا البعث فقط، والإتيان قابل للاتصاف بالمرة والتكرار.
وبه يظهر الخلل في ما أفاده سيدنا الأستاذ - مد ظله العالي - على ما في تقرير بحثه، فراجع (1).
الثاني: أن ظاهر المرة والتكرار وإن كان الدفعة والدفعات إلا أنه يمكن أن يكون بمعنى الفرد والأفراد محل النزاع، بلا محذور، لكن في الفصول ما توضيحه:
أن المراد بهما خصوص الدفعة والدفعات، وذلك أنا نرى جميع العلماء يبحثون هذا البحث مستقلا بحثا غير فرضي ولا تقديري، وهو لا يمكن إلا على إرادة الدفعة والدفعات، إذ لو أريد الفرد والأفراد لكان هذا البحث من فروع القول بتعلق الأوامر بالأفراد، ولما كان مجال للبحث عنه على القول بتعلقها بالطبائع، فكان اللازم أن يجعل تتمة للمبحث الآتي. ويقال: بناء على تعلقها بالأفراد فهل المطلوب فرد واحد أو أكثر، وإن بحث عنه القائل بالطبيعة كان بحثا فرضيا وعلى تقدير، مع أنا نرى إفراده ببحث مستقل يبحث عنه العلماء جميعهم بحثا واقعيا، فهو يكشف عن إرادة الدفعة والدفعات؟ هذا.
وحينئذ فالجواب عنه بما في الكفاية صحيح، ولا يرد عليه أنه مبني على كون التشخص بالوجود، إذ بناء على أن التشخص بالأعراض المكتنفة فالمصداق الحقيقي للطبيعة، كالإنسان وفردها الذاتي، ليس إلا نفس الحيثية الإنسانية، غاية الأمر أن تشخص هذه الحيثية لا يمكن إلا بما اكتنفها من العوارض، وإلا فعرض