وثانيهما: القول بالمنع، إما مطلقا كما عن الشيخين (1) والقاضي (2) والحلي (3) وأكثر المتأخرين، أو إذا كان التصرف مخرجا للهبة عن ملكه، أو مغيرا لها عن صورتها كقصارة الثوب ونجارة الخشب ونحوهما، أو وطئا لها.
والجواز في غير ذلك، كركوب الدابة والسكنى واللبس ونحوهما من الاستعمالات، كما عن ابن حمزة (4) والدروس (5) وجماعة من المتأخرين، وزاد الأول، فقال: لا يقدح الرهن والكتابة (6)، وهو يشمل بإطلاقه ما لو عاد إلى ملك الواهب وعدمه.
وحجة هذا القول مطلقا ومقيدا غير واضحة، عدا روايات قاصرة أكثرها سندا، وجميعها دلالة، ووجوه هينة، واعتبارات ضعيفة، لا تصلح للحجية، سيما في مقابلة ما مر لما في العبارة من الأدلة في الأول والصحيحة المتقدمة، المتضمنة لقوله (عليه السلام): " إذا كانت الهبة قائمة بعينها " (7) إلى آخرها، المتقدم إليه الإشارة في الثاني.
ولا يخلو عن شبهة لا بحسب السند، كما توهم - لكونه من الصحيح ولا يخلو عن شبهة لا بحسب السند، كما توهم - لكونه من الصحيح على الصحيح، وعلى تقدير التنزل فهو حسن كالصحيح، ومثله حجة على الصحيح - بل بحسب التكافؤ لما تقدم من الأدلة لما في العبارة، لكونها صحاحا ومعتبرة مستفيضة، معتضدة بالأصل، وإجماع الغنية (8)، اللذين كل منهما حجة أخرى مستقلة دون هذه الصحيحة، لوحدتها وندرة القائل بها بتمامها، مع ما هي عليه من قصور الدلالة بإثبات جميع ما عليه هذه الجماعة، يظهر وجهه بالتدبر فيما ذكره شيخنا في المسالك: