التفصيل بين المتجزئ وعدمه:
والذي يظهر ان القائلين بالتجزئ مختلفون على أنفسهم، فبعضهم يرى لزوم رجوع المتجزئ إلى غيره من المجتهدين، كصاحب المعالم ووالده وجده إذا صحت استفادة ذلك من كلامهم، بينما خالفهم العلامة والشهيد وصاحب الكفاية وغيرهم.
وقد استدل صاحب الكفاية بعدم اختصاص أدلة المدارك بالمتصف بالاجتهاد المطلق، وأضاف الحجة الرشتي على ذلك بأنه (كيف يرفض ظنه ويأخذ بظن المجتهد المطلق مع أنه يخطئه في ظنه، وهل هذا إلا رجوع العالم إلى الجاهل (1))؟
والحقيقة انه بعد تسليم إمكان التجزي ووقوعه لا يبقى مجال للقول بعدم الحجية لنفس ما قلناه سابقا من أنه بعد فرض الالتزام بكونه عالما بما قامت عليه الحجة، كيف يمكن ان يقال له: ان علمك ليس بحجة عليك، مع أن الحجية من لوازم العلم القهرية؟
والذي يظهر من اطلاق الاتفاق في كلمات الغزالي ان عدم جواز رجوعه إلى الغير مطلقا مفروغ منه، يقول في المستصفى: (وقد اتفقوا على أنه إذا فرغ من الاجتهاد وغلب على ظنه حكم، فلا يجوز له ان يقلد مخالفه ويعمل بنظر غيره ويترك نظر نفسه (2)). وكذلك الآمدي (3).
2 - جواز افتائه على وفق ما يرتئيه وعدمه:
أما جواز افتائه على وفق ما وصل إليه من رأي، فهو أيضا لا يقتضي أن يكون موضعا لاشكال، لما تقدم بيانه من أن من لوازم الحجية