باستثناء بعض محققيهم من المتأخرين، هم من القائلين بفتح الذرائع وسدها وإن لم يتفقوا في حدود ما يأخذون منها وما يتركون، يقول الأستاذ سلام: (الواقع ان الفقهاء جميعا يأخذون بأصل الذرائع مع اختلاف في . مقدار الاخذ به وتباين في طريقة الوصول إلى الحكم، إذ المشاهد في أحكام الفروع ان أكثر الفقهاء يعطي الوسيلة - الذريعة - حكم الغاية إذا تعينت الوسيلة لهذه الغاية، أما إذا لم تتعين طريقا لها، فالمشهور عن الامام مالك انها تعتبر أصلا للاحكام، ويقرب منه في ذلك الامام احمد، وتبعهما ابن تيمية وابن القيم (1)).
والذي يقتضي التعقيب عليه - بعد التغافل عن صلاحية ما استدلوا به من الأدلة على المبنى - هو اعتبار سد الذرائع وفتحها أصلا في مقابل بقية الأصول مع أنها لا تعدو كونها من صغريات السنة أو العقل.
لان اكتشاف حكم المقدمة اما ان يستفاد من العقل بقاعدة الملازمة، بمعنى ان العقل يحكم بوجود ملازمة بين الحكم على شئ والحكم على مقدمته، فإذا علمنا ان الشارع قد حكم على ذي المقدمة بالوجوب فقد علمنا بحكمه على المقدمة كذلك، وعندها تكون من صغريات حكم العقل وليست أصلا برأسه، واما ان يستفاد من طريق الملازمة اللفظية أي من الدلالة الالتزامية لأدلة الاحكام، كما هو مبنى فريق بدعوى أن اللفظ الدال على وجوب الصلاة هو بنفسه يدل على لازمه وهو وجوب مقدماتها، وعليها يكون وجوب المقدمات مدلولا للسنة، فتكون المسألة من صغريات دليل السنة، وقد عرفت أن الأدلة السمعية التي ساقها ابن القيم على كونها أصلا لا تعدو ان تكون إرشادية لحكم العقل بالملازمة.
فقول مالك واحمد وابن تيمية وابن القيم: انها من أصول الاحكام في مقابل بقية الأصول، لا يتضح له وجه.