ما يخالف هذا المقياس، والأساس فيه هو تحصيل العلم بالحكم أو العلمي، ولا أقل من تحصيل الوظيفة التي يأمن معها الانسان من غائلة العقاب.
الاستدلال بسيرة الصحابة:
وكما استدلوا بالعقل فقد استدلوا عليها بسيرة الصحابة، ومما جاء في دليلهم: (ان أصحاب رسول الله لما طرأت لهم بعد وفاته حوادث وجدت لهم طوارئ شرعوا لها ما رأوا أن فيه تحقيق المصلحة، وما وقفوا عن التشريع لان المصلحة ما قام دليل من الشارع على اعتبارها، بل اعتبروا ان ما يجلب النفع أو يدفع الضرر حسبما أدركته عقولهم هو المصلحة، واعتبروه كافيا لان يبنوا عليه التشريع والاحكام، فأبو بكر جمع القرآن في مجموعة واحدة، وحارب مانعي الزكاة، ودرأ القصاص عن خالد بن الوليد، وعمر أوقع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة ووقف تنفيد حد السرقة في عام المجاعة، وقتل الجماعة في الواحد، وعثمان جدد أذانا ثانيا لصلاة الجمعة (1)... الخ).
والغريب ان تنزل هذه التصرفات وأمثالها على القياس تارة والاستحسان أخرى والمصالح ثالثة، وتعتبر على ألسنة البعض أدلة عليها، وما أدري هل تتسع الواقعة الواحدة لمختلف هذه الأدلة مع تباينها مفهوما أم ماذا؟!
ومهما يكن فإن النقاش في هذا النوع من الاستدلال واقع صغرى وكبرى.
أما الصغرى فلعدم إمكان تكوين سيرة لهم من مجرد نقل أحداث عن أفراد منهم يمكن ان تنزل على هذا الدليل أو ذاك، ومن شرائط السيرة ان يصدر المجموع عنها في سلوكهم الخاص، وكذلك لو أريد من هذا