يطلق الضرر ويراد به النقص الذي يدخل على الانسان بسبب عمل أو ترك شئ ما سواء كان روحيا أم ماديا، وهو على قسمين دنيوي وأخروي، ولكل من هذين القسمين حساب بالنسبة إلى موضع بحثنا.
1 - احتمال الضرر الدنيوي.
وهذا الاحتمال إذا كان على درجة من الأهمية كبيرة، وكان الضرر مما لا يتسامح فيه عادة، يمكن ان يدرك العقل لزوم الاحتياط على وفقه، ومنه يدرك رأي الشارع بالزامه به - أعني الاحتياط - ابعادا للمكلف عن الوقوع فيما يبغضه.
وقد سبق ان قلنا إن للشارع ان يجعل الاحتياط للمحافظة على بعض التكاليف التي يعلم مبغوضية فعلها من قبل المكلف على درجة لا يريد وقوعها في الخارج بأية كيفية كانت كما هو الشأن في الدماء والفروج والأموال على قول.
وفي مثل هذا الحال صححنا جعل الاحتياط الشرعي من قبله، وقلنا إن العقاب إذ ذاك على تقدير مخالفة الاحتياط وعدم مصادفة الواقع انما هو على التجري أو ما يعود إليه - بناء على حرمته -، لا على مخالفة التكليف لعدم مصادفته الواقع كما هو الفرض.
وعلى هذا، فقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل قائمة هنا، ومنها يكتشف البيان الشرعي، فتكون واردة على قاعدة قبح العقاب بلا بيان واصل إذ لا تبقي لها موضوعا ليرد الحكم العقلي عليه.
2 - احتمال الضرر الأخروي - أي العقاب -.
وهذا الاحتمال لا يستتبع جعلا شرعيا للاحتياط على وفقه لبداهة أن كل ما يتصل بشؤون الإطاعة والعصيان مما هو في طول التكاليف، لا تكون أوامره - لو وجدت - من قبيل الأوامر المولوية لاستحالة صدور هذا النوع من الأوامر عنه.