وقد اختلفوا في المراد من لفظة (يرد) في الرواية فقيل ان معناها الصدور، ويكون معنى هذه الرواية إذ ذاك كل شئ مطلق اي مباح حتى يصدر من الشارع في حقه النهي، وتكون بهذا المعنى أجنبية عن موضع احتياجنا لبداهة ان حاجاتنا إليها إنما هي بعد البعثة وصدور الاحكام عن الشارع واختفائها عنا.
وقيل: إن المراد من الورود فيها هو الوصول، فيكون معناها كل شئ مطلق - أي مباح ظاهرا - حتى يصل إلى المكلف فيه نهي.
والظاهر أن مدلول الرواية لا يلتئم مع طبيعة صدورها من الإمام إلا على القول الثاني.
لان قول الشارع: كل شئ مطلق حتى يرد، إما ان يراد بالاطلاق الإباحة الواقعية أو الظاهرية والورود وإما ان يراد به الوصول أو الصدور، فصور المسألة أربع:
1 - أن يكون الاطلاق بمعنى الإباحة الواقعية، والورود بمعنى الصدور، فيكون مفاد الرواية كل شئ مباح واقعا حتى يصدر من الشارع نهي عنه، وهذا النوع من الكلام لا معنى له لاستلزامه الاخبار عن أن أحد الضدين رافع للآخر وهو أشبه بالقول: كل انسان حي ما لم يمت، أو كل انسان نائم ما لم يستيقظ، وأي معنى لمثل هذا الكلام لو صدر عن انسان عادي فضلا عن صدوره من مشرع؟! وأية ثمرة تشريعية تترتب على مثله؟
2 - أن يكون الاطلاق بمعنى الإباحة الواقعية، والورود بمعنى الوصول، فيكون معنى الرواية ان كل شئ محكوم بالإباحة الواقعية حتى يصل فيه نهي.
ولازم هذا ان وصول حكم على خلاف الحكم الواقعي يقتضي أن يكون