الالزامي في حالتي العلم والجهل، أي ان يضع الحكم الواقعي والظاهري على المكلفين كما أن بوسعه ان يرفعهما عنه، فإن هذا الحديث جاء للتعبير عن رفع الشارع الحكم الالزامي في حال الشك، وليست هناك أية منافاة بين رفع الحكم عند الجهل به وبقائه واقعا كما هو مقتضى ما دل على ثبوت الاحكام في حق العالمين والجاهلين على السواء، ويكون مفاد الرفع في هذا الحديث هو رفع العقاب أو المؤاخذة، وقيل إن الرفع مسلط هنا على خصوص الحكم الظاهري الالزامي الذي لا يعلم، ويكون معنى رفعه عدم جعله ابتداء (ولازمه ثبوت الترخيص في اقتحام الشبهة وعدم وجوب الاحتياط، فإن الاحكام متضادة في مرحلة الظاهر كتضادها في مرحلة الواقع، فكما أن عدم الالزام في الواقع يستلزم الترخيص واقعا كذلك عدم الالزام في الظاهر يستلزم الترخيص ظاهرا، وإذا ثبت الاذن في الاقتحام لا يبقى مجال لاستحقاق العقاب، فيكون حال الشبهة الحكمية حال الشبهة الموضوعية التي ثبت فيها الاذن بالدلالة المطابقية بقوله (عليه السلام): (كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال) ونحو ذلك، فيثبت بحديث الرفع أصالة الحل وجواز ارتكاب محتمل الحرمة وترك محتمل الوجوب (1)).
وقد أورد على هذه الاستفادة باشكالات لعل أهمها هو قولهم: إن هذا الدليل - لو تم - فهو أضيق من المدعى لتعلقه بخصوص الشبهات الموضوعية وذلك:
أ - لان الرفع مسلط في الكثير من فقرات الرواية على نفس الفعل لوضوح أن المراد من قوله: (ما اضطروا إليه وما اكرهوا) هو نفس الفعل المضطر إليه لا الحكم المضطر إليه وهكذا... إذ لا معنى للاضطرار إلى الحكم، كما لا معنى للاكراه عليه، فإذا ثبت إرادة الفعل