هذا الحديث لا يزيد على كونه تأكيدا لحكم العقل، أو أنه من أدلة الاجماع، فتكون المسألة على تقديرها من صغريات حجية الاجماع.
2 - قولهم: (إن الشارع الاسلامي في تشريعه راعى عرف العرب في بعض أحكامه فوضع الدية على العاقلة واشترط الكفاءة في الزواج... الخ (1)).
والجواب عليه: أن الشارع لم يراع العرف بما أنه عرف، وإنما وافقت أحكامه بعض ما عند العرف فأبرزها بطريق الاقرار، ولذلك اعتبرنا إقراره سنة، وفرق بين أن يقر حكما لدى أهل العرف لموافقته لاحكامه وبين أن يعتبر نفس العرف أصلا يرجع إليه في الكشف عن الأحكام الواقعية ، فما أقره من الاحكام العرفية يكون من السنة وليس أصلا برأسه في مقابلها.
3 - قولهم: (إن ما يتعارفه الناس من قول أو فعل يصير من نظام حياتهم ومن حاجاتهم، فإذا قالوا أو كتبوا فإنما يعنون المعنى المتعارف لهم، وإذا عملوا فإنما يعملون على وفق ما تعارفوه واعتادوه، وإذا سكتوا عن التصريح بشئ فهو اكتفاء بما يقضي به عرفهم، ولذا قال الفقهاء: المعروف عرفا كالمشروط شرطا. وقالوا: إن الشرط في العقد يكون صحيحا إذا اقتضاه العقد، وورد به الشرع أو جرى به العرف (2)).
وهذا الدليل لا أعرف له محصلا فكون ما يتعارفه الناس يصبح من نظام حياتهم لا يصلح دليلا لاستكشاف الحكم الشرعي منه، وليس عندنا من الأدلة ما يسمى بنظام الحياة، والذي نعرفه من أنظمة الحياة التي تعارف عليها الناس ان بعضها ممضى في الاسلام فهو حجة، وبعضها غير ممضى فهو ليس بحجة ولا يسوغ الركون إليه، وكم من العادات والأعراف