سواء كان نفسيا أم غيريا، إنما يجعله المولى لغرض تحريك المكلف نحو فعل المأمور به، إذ يجعل الداعي في نفسه حيث لا داعي، بل يستحيل في هذا الفرض جعل الداعي الثاني من المولى لأنه يكون من باب تحصيل الحاصل (1)).
وما يقال عن الوجوب، يقال عن بقية الاحكام الاقتضائية لوحدة الملاك فيهما. يقول شيخنا النائيني: (لا يخفى أن ما ذكرنا من الوجوه والأقوال في مقدمة الواجب يجري في مقدمة المستحب (2)).
ويقول أيضا: (وأما مقدمات المكروه فحالها حال مقدمات الحرام (3)).
وإذا صح هذا اتضحت أوجه المفارقة في كلمات ابن القيم من دعواه الملازمة بين إباحة الذريعة ونقض التحريم، لان إباحة الشئ لا تستلزم الاتيان به ليلزم نقض التحريم، وتوقف امتثال التحريم على عدم الاتيان بالذريعة المفضية إليه توقف عقلي محض، والاحكام العقلية لا تستلزم أحكاما شرعية دائما لما سبق ان قلنا في مبحث العقل من امتناع ذلك أحيانا كما هو الشأن في هذه المسألة بناء على ما قالوه من لزوم تحصيل الحاصل فيها، وكما هو الشأن في أوامر الإطاعة وغيرها، نعم الذي يفضي إلى نقض التحريم هو جعل الوجوب للذريعة لا الإباحة، وليس هناك ما يمنع من أن يبيح الشارع شيئا ويلزم العقل به ما دامت أحكام الشارع وليدة مصالح أو مفاسد في المتعلقات، فالذريعة التي لا مصلحة ولا مفسدة فيها لا معنى لجعل غير الإباحة لها، وإلزام العقل بها لتوقف امتثال ما تفضي إليه عليها لا ينافي اباحتها الشرعية، وحسب الشارع ان يتكل على حكم العقل في