الثانية: - وهي ما إذا كان أحد العنوانين من العناوين المتأصلة، والآخر من العناوين الانتزاعية - قد تقدم على صفة الإجمال: أن تعدد العنوان كذلك لا يقتضي تعدد المعنون والمطابق في الخارج، بل لابد من ملاحظة أن العنوان الانتزاعي هل ينتزع من مرتبة ذات العنوان المتأصل في الخارج أو من شئ آخر مباين له وجودا؟ بمعنى: أن منشأ انتزاعه مباين للعنوان الذاتي خارجا.
فعلى الأول لا محالة يكون التركيب بينهما اتحاديا في مورد الاجتماع، بمعنى: أن المجمع فيه واحد وجودا وماهية، غاية الأمر يكون صدق أحدهما عليه ذاتيا والآخر عرضيا.
ولتوضيح ذلك نأخذ بمثالين:
أحدهما: ما إذا فرض أن شرب الماء بما هو مأمور به، وفي هذا الفرض لو شرب أحد الماء المغصوب فلا محالة ينطبق عليه عنوانان: أحدهما: العنوان الذاتي وهو: الشرب، والآخر: العنوان الانتزاعي وهو: الغصب، لما سيجئ - إن شاء الله تعالى - من أن الغصب ليس من إحدى المقولات التسع العرضية، بل هو عنوان انتزاعي منتزع من التصرف في مال الغير. ومن هنا أمكن انطباقه على الماهيات المتعددة المقولية. ووفي المقام بما أنه منتزع من نفس العنوان الذاتي في مورد الاجتماع - وهو: شرب هذا الماء، لا من شئ آخر مباين له وجودا - فلا محالة يتحد معه خارجا، ويكون المطابق لهما واحدا وجودا وماهية. وعليه، فلا مناص من القول بالامتناع، بداهة استحالة أن يكون شئ واحد مصداقا للمأمور به والمنهي عنه معا.
فما أفاده (قدس سره) من استحالة اتحاد المبادئ بعضها مع بعضها الآخر لا يتم في هذا المثال وما شاكله. نعم، إنما يتم في المبادئ المتأصلة كما سبق.
وثانيهما: التوضؤ بماء الغير بدون إذنه، فإنه مجمع للعنوان الذاتي والانتزاعي معا.
أما العنوان الذاتي فهو: عبارة عن نفس التوضؤ الذي له واقع موضوعي