الثالثة: أن محل النزاع فيها إنما هو في تحقق أصل الأمر بداعي إيجاد متعلقه في الخارج مع علم الآمر بانتفاء شرط فعليته، ومن الواضح أن النزاع فيه نزاع في أمر معقول، ولا يفرق فيه بين أن تكون القضية حقيقية أو خارجية كما سبق (1).
الرابعة: أن ما ذكروه من الثمرة لهذه المسألة - وهي: أن من أفطر في نهار شهر رمضان مع عدم تمامية شرائط وجوب الصوم له إلى الليل، كما إذا أفطر في حين أنه علم بأنه يسافر بعد ساعة أو يوجد مانع آخر منه، فعلى القول بالجواز تجب الكفارة عليه، وعلى القول بعدمه فلا - ليس لها ثمرة أصلا، وذلك لما ذكرناه من أنها تدور مدار أن المستفاد من الروايات هو ترتب الكفارة على مطلق الإفطار العمدي ولو علم بطرو مانع عن الصوم بعده ولا يتمكن من إتمامه، أو أنها مترتبة على الإفطار العمدي الخاص وهو ما لم يطرأ عليه مانع عنه أصلا، فعلى الأول تجب الكفارة على من أفطر في نهار رمضان ثم سافر، وعلى الثاني فلا.
* * * هل الأوامر متعلقة بالطبائع أو الأفراد؟
غير خفي أن هذا النزاع بظاهره مما لا معنى له، وذلك لأنه لا شبهة في أن مراد القائلين بتعلق الأوامر بالأفراد ليس تعلقها بالموجودات الخارجية، ضرورة أن الموجود الخارجي مسقط للأمر فلا يعقل تعلق الأمر به، كما أن مراد القائلين بتعلقها بالطبائع ليس تعلقها بالطبائع الصرفة ومن حيث هي مع قطع النظر عن حيثية انطباقها على ما في الخارج، ضرورة أن مثل هذه الطبيعة غير قابل لأن يتعلق بها الأمر.
ولكن الذي ينبغي أن يقال في هذه المسألة: هو أنه يمكن تقرير النزاع فيها من ناحيتين:
الأولى: من جهة ابتناء ذلك على القول بوجود الكلي الطبيعي في الخارج