- عندئذ - من الالتزام بارتفاع المبغوضية عن هذه الحركات التي تكون مصداقا للصلاة بمقدار زمان يسع الصلاة دون الزائد على ذلك، فإن الضرورات تتقدر بقدرها، لوضوح أن ما دل على أن الصلاة لا تسقط بحال من ناحية وعدم إمكان الحكم بصحتها هنا مع فرض بقاء المبغوضية من ناحية أخرى أوجب الالتزام بسقوط تلك المبغوضية عن هذه الحركات الصلاتية - لا محالة - في زمان يسع لها فحسب، لا مطلقا، لعدم المقتضي لارتفاع المبغوضية عنها في الزائد على هذا المقدار من الزمان، بل هي باقية على حالها من المبغوضية.
وإن شئت فقل: إن المقتضي للالتزام بسقوط المبغوضية أمران:
الأول: وجوب الصلاة في هذا الحال، وعدم سقوطها عن المكلف على الفرض.
الثاني: عدم إمكان الحكم بصحة الصلاة مع بقاء المبغوضية، ضرورة استحالة التقرب بما هو مبغوض، فعندئذ لو لم نلتزم بسقوط المبغوضية عنها في زمان يسع لفعلها للزم التكليف بما لا يطاق وهو محال، ولأجل ذلك لابد من الالتزام بسقوطها. ومن المعلوم أن ذلك لا يقتضي إلا جواز التصرف بمقدار زمان يسع لفعل الصلاة فحسب، وأما الزائد عليه فلا مقتضي للجواز وارتفاع المبغوضية أصلا، هذا بناء على وجهة نظر الأصحاب من القول بالجواز أو الامتناع في مسألة الاجتماع.
وأما بناء على ما حققناه هناك: من أن أجزاء الصلاة لا تتحد مع الغصب خارجا ما عدا السجدة، باعتبار أن مجرد مماسة الجبهة الأرض لا يكفي في صدقها، بل لابد فيها من الاعتماد على الأرض، وبدونه لا تصدق السجدة. ومن المعلوم أنه تصرف في مال الغير بدون إذنه، وهو مبغوض للمولى فلا يمكن التقرب به.
نعم، نفس هيئة السجود ليست تصرفا فيه، فإنها من هذه الناحية كهيئة الركوع والقيام والقعود. وقد ذكرنا: أن هذه الهيئات التي تعتبر في الصلاة ليس شئ منها متحدا مع الكون في الأرض المغصوبة ومصداقا للغصب.