الاجتماع رأسا، ولن يتوهم أحد ولا يتوهم جواز اجتماع الأمر والنهي فيه، بداهة أنه يستحيل أن يكون في المجمع في مورد الاجتماع - وهو: إكرام العالم الفاسق - جهة وجوب وحرمة معا، ومحبوبية ومبغوضية كذلك. فإذا لا محالة يدخل في كبرى باب التعارض كما صنع الفقهاء ذلك فيه وفي أمثاله، وذلك لاستحالة جعل كلا الحكمين معا للمجمع في مادة الاجتماع بحسب مقام الواقع والثبوت، ونعلم بكذب أحدهما وعدم مطابقته للواقع، بداهة أنه كيف يعقل أن يكون إكرام زيد العالم الفاسق - مثلا - واجبا ومحرما معا؟
وعليه، فلا محالة تقع المعارضة بين مدلولي دليليهما في مقام الإثبات والدلالة، فلابد من الرجوع إلى مرجحات بابها، وهذا هو الملاك في باب التعارض. ومن هنا قد ذكرنا سابقا: أن التعارض بين الحكمين لا يتوقف على وجود ملاك لأحدهما دون الآخر، بل الملاك فيه ما ذكرناه: من عدم إمكان جعل كلا الحكمين معا في الواقع ومقام الثبوت.
ولذا قلنا: إن مسألة التعارض لا تختص بوجهة نظر مذهب دون آخر، بل تجري على جميع المذاهب والآراء.
الثانية: أن ما ذكره (قدس سره) من المثال خارج عن محل الكلام في المسألة، وذلك لأن العموم في هذا المثال في كلا الدليلين عموم استغراقي، فلا محالة ينحل الحكم بانحلال موضوعه أو متعلقه، فيثبت لكل فرد من أفراده حكم مستقل غير مربوط بحكم ثابت لفرد آخر منها... وهكذا، ولازم ذلك: هو أن يكون المجمع في مورد الاجتماع - وهو: إكرام العالم الفاسق - محكوما بكلا هذين الحكمين على نحو الاستقلال، بأن يكون إكرامه واجبا ومحرما معا.
ومن الواضح جدا أن القائلين بالجواز في المسألة لا يقولون به في مثل هذا المثال، ضرورة أن في مثله جعل نفس هذين التكليفين معا محال، لا أنه من التكليف بالمحال، فإذا هذا المثال وما شاكله خارج عن محل الكلام.
الثالثة: قد تقدم في مقدمات مسألة الاجتماع: أن محل الكلام فيها فيما إذا