والوجه في ذلك ظاهر، وهو: أن النسبة بالعموم من وجه لا يمكن أن تتحقق إلا بين عنوانين انتزاعيين الذين هما من قبيل: خارج المحمول، أو بين عنوان انتزاعي وعنوان مقولي، بداهة أنه لا مانع من صدق عنوانين انتزاعيين على موجود واحد في الخارج، وكذا لا مانع من صدق عنوان عرضي على ما يصدق عليه العنوان الذاتي.
ومن هنا يستحيل تحقق النسبة بالعموم من وجه بين جوهرين وعرضين وجوهر وعرض، وذلك لوضوح أن المقولات أجناس عاليات ومتباينات بالذات والحقيقة، فلا يمكن اتحاد مقولتين منها خارجا، وعليه فلا يمكن أن يكون شئ واحد مصداقا للجوهر والعرض معا، ضرورة أن ما يكون مصداقا للجوهر يستحيل أن يكون مصداقا للعرض، وبالعكس. كما أن ما يكون مصداقا للكم - مثلا - يستحيل أن يكون مصداقا للكيف... وهكذا.
بل الأمر كذلك بالإضافة إلى أنواع هذه المقولات وأفرادها، فلا يمكن اتحاد نوع من مقولة مع نوع آخر من هذه المقولة، فإن الأنواع وإن كانت مشتركة في الجنس إلا أنها متباينات من ناحية الفصل، لفرض أن نوعية الأنواع بواسطة الفصل، فلو فرض اتحاد نوع مع نوع آخر للزم تفصل شئ واحد بفصلين في عرض واحد، وهو محال، بداهة أن فعلية الشئ بفصله فإنه المقوم والمحصل له، أو أنه منتزع من حده الحقيقي. ومن المعلوم أنه لا يعقل أن يكون لشئ واحد وجودان ومحصلان في الخارج، أو حدان كما هو واضح.
وكذا لا يمكن اتحاد فرد من مقولة مع فرد آخر منها، لما تقدم: من استحالة التركيب الحقيقي بين أمرين فعليين في الخارج، لأن كل فعلية تأبى عن فعلية أخرى، وبما أنهما فعليان وموجودان فيه فلا يعقل التركيب الحقيقي بينهما.
وقد تحصل من ذلك أمران:
الأول: أن النسبة بالعموم من وجه لا تعقل بين جوهرين وعرضين وجوهر وعرض.