نعم، المستحيل إنما: هو كون الشئ المتأخر رتبة واسطة وعلة لوجود الشئ المتقدم كذلك، أو كون أحد المتساويين في الرتبة علة لوجود المتساوي الآخر فإن هذا غير معقول، لاستلزام ذلك تقدم الشئ على نفسه. وأما كون الشئ المتأخر واسطة للعلم بالمتقدم أو كون أحد المتساويين واسطة للعلم بالمتساوي الآخر فلا محذور فيه أبدا.
فما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره): من أن دلالة النهي على التقييد وعدم الوجوب ليست متفرعة على دلالته على الحرمة بل هي في عرضها لا يرجع بظاهره إلى معنى معقول أصلا.
لحد الآن قد تبين: أن دلالة النهي على التقييد وعدم الوجوب متفرعة على دلالته على الحرمة، وليست في عرض دلالته عليها. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنا قد ذكرنا: أن الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية حدوثا وبقاء، وجودا وحجية.
فالنتيجة على ضوئهما: هي أن الدلالة المطابقية لو سقطت عن الحجية لسقطت الدلالة الالتزامية أيضا، وبما أن في المقام قد سقطت الدلالة المطابقية - وهي:
دلالة النهي على الحرمة من ناحية الاضطرار أو نحوه - فلا محالة تسقط الدلالة الإلتزامية أيضا، وهي دلالته على التقييد بمقتضى قانون التبعية.
فإذا لا مانع من التمسك بإطلاق دليل الوجوب لإثبات كون هذه الحصة مصداقا للمأمور به، وفي المثال المتقدم لا مانع من التمسك بإطلاق دليل وجوب الوضوء أو الغسل - عندئذ - لإثبات جوازه في هذا الماء، أعني: الماء المغصوب، فيكون المقام نظير: ما إذا ورد التخصيص على دليل النهي من أول الأمر فإنه - لا محالة - يوجب اختصاص الحرمة بغير موارد تخصيصه. وعليه، فلا مانع من التمسك بإطلاق دليل الأمر بالإضافة إلى تلك الموارد أصلا.
ومن ذلك يظهر فساد ما عن شيخنا الأستاذ (قدس سره) أيضا: من أن الدلالة الالتزامية ليست تابعة للدلالة المطابقية في الحجية، وإنما هي تابعة لها في الحدوث. فإذا سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية لا يستلزم سقوط الدلالة الالتزامية عنها.