وهذا بخلاف الإطلاق في طرف النهي، فإن المتفاهم العرفي منه كما أنه ثبوت الحرمة لكل فرد من أفراد المنهي عنه كذلك ثبوت الحرمة له في كل زمان من الأزمنة وآن من الآنات، كما تقدم بشكل واضح.
ولكن لشيخنا الأستاذ (قدس سره) في المقام كلام، وهو: أن انحلال النهي بالإضافة إلى الأفراد العرضية إنما هو من جهة أخذ ترك الطبيعة حال تعلق الطلب به فانيا في معنوناته التي هي: عبارة عن ترك كل واحد من تلك الأفراد الخارجية. وأما انحلاله بالإضافة إلى الأفراد الطولية فهو إنما يمكن بأحد وجهين:
الأول: أن يكون الزمان مأخوذا في ناحية المتعلق بأن يكون شرب الخمر في كل زمان محكوما بالحرمة.
الثاني: أن يؤخذ الزمان في ناحية الحكم بأن يكون الحكم المتعلق بترك الطبيعة باقيا في الأزمنة اللاحقة، وبما أنه لا دليل على أخذ الزمان في ناحية المتعلق من جهة ولا معنى لتحريم شئ يسقط بامتثاله آنا ما من جهة أخرى فلا محالة يكون دليل الحكمة مقتضيا لبقاء الحكم في الأزمنة اللاحقة.
نلخص ما أفاده (قدس سره) في عدة صور:
الأولى: أن انحلال النهي بالإضافة إلى الأفراد العرضية إنما هو من ناحية أخذ ترك الطبيعة فانيا في معنوناته حين تعلق الطلب به، ولازم ذلك هو: أن متعلق الطلب في الحقيقة هو ترك كل فرد من أفراد هذه الطبيعة في الخارج، فإن الطلب المتعلق به - لا محالة - يسري إلى جميع أفراده ومعنوناته، لفرض أنه اخذ فانيا في تلك المعنونات، وهذا معنى انحلال النهي بانحلال ترك أفراد الطبيعة.
الثانية: أن انحلال النهي بالإضافة إلى الأفراد الطولية: إنما هو من جهة أحد الأمرين: إما أخذ الزمان في ناحية المتعلق، أو أخذه في ناحية الحكم. ولا ثالث، ضرورة أن النهي لا يدل على الانحلال بالإضافة إلى تلك الأفراد، وإنما يدل عليه بالإضافة إلى الأفراد العرضية فحسب.
والسر في ذلك هو: أن الملحوظ حال تعلق الطلب بترك الطبيعة هو فناؤه في